استطاعت السلطنة على مدار العقود الماضية إقامة بنية أساسية قوية تفتح الآفاق نحو إقامة قاعدة اقتصادية عريضة تصنع الفارق في المستقبل القريب والبعيد معًا، وكانت عائدات النفط هي المصدر الرئيسي لتمويل تلك المشروعات العملاقة التي طالت كافة نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وكان التخطيط الجيِّد عنوان المرحلة، حيث اهتمت الحكومة في خططها الخمسية المتعاقبة ليس فقط بالبناء التنموي المستدام، ولكن توازى مع ذلك تطوير قانوني وتشريعي، بالإضافة إلى مجموعة من التسهيلات الاقتصادية الجاذبة لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية تحت عنوان عريض هو التنويع الاقتصادي، وفتح آفاق جديدة لقطاعات اقتصادية متنوعة تملك السلطنة مقوِّماتها؛ لتنوُّع مصادر الدخل، لنحافظ عبرها على التقدم الذي طال نواحينا الحياتية كافَّة.
وتأتي رؤية عُمان ٢٠٤٠، التي بدأت السلطنة في تطبيقها في أول خططها الخمسية (الخطة الخمسية العاشرة)، تعبيرًا صادقًا عن الطموح الذي تسعى البلاد إلى تحقيقه، ليصنع المستقبل المأمول للأجيال القادمة، ومع تطبيق تلك الرؤية الطموحة تعمل البلاد على تعريف المستثمرين بها وشرح عوائدها الاقتصادية العالية، خصوصًا وأن السلطنة تتميز، بجانب موقعها الجغرافي الفريد، وسلسلة موانئها العملاقة التي سيكون لها كبر في حركة التجارة العالمية، إلى ميزة الأمن والأمان والاستقرار، وهي ميزات تجعلها قبلة لرؤوس الأموال الاستثمارية الساعية إلى الاستثمار متوسط وطويل الأجل.
ومن هذا المنطلق الساعي إلى التعريف بالمقوِّمات الاستثمارية للبلاد فقد نظَّمت غرفة تجارة وصناعة عُمان بالتعاون مع جمعية التعاون المشترك للبلدان التركية والعربية على هامش ملتقى التعاون الاقتصادي العربي التركي الـ15 المُقام حاليًّا بإسطنبول، ندوة بعنوان (الاستثمار الجديد وفقًا لرؤية عُمان ٢٠٤٠)، تطرَّقت خلاله إلى المناخ الاستثماري بالسلطنة وما يميِّز السلطنة كبيئة جاذبة للاستثمار ورؤوس الأموال.
فهذا الملتقى يُعد فرصة كبيرة للمحيط الجغرافي للتعرف على المناخ الاقتصادي في السلطنة والبيئة الجاذبة والمحفِّزة التي أسَّستها السلطنة لتكون محل أمن وأمان، حيث إن البيئة والمناخ الاستثماري جاذب ومحفِّز، ولديه من عناصر القوة ما يشجِّع أصحاب الأموال والمستثمرين على القدوم بأموالهم واستثمارها، خصوصًا أن الرؤية المستقبلية (عُمان 2040) تعوِّل على القطاع الخاص في أن يقود عملية التنمية الاقتصادية الشاملة للسلطنة، وهذا يشمل إيجاد ممكنات وعناصر قوة لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية.
إن جهود السلطنة في جذب رؤوس الأموال المستثمرة في مجالات التنويع الاقتصادي التي تهتم بها لا يقف على ما حققته البلاد من نقلة كبيرة تعتمد على بنية أساسية عملاقة، لكنها وفرت أيضًا حزمة من الحوافز منها إعفاء ضريبي يصل لمدَّة خمس سنوات ويمكن تمديدها إلى 10 سنوات وفق شروط معيَّنة، وتملُّك أجنبي كامل يصل حتى 100 بالمئة، وحرية تحويل الأرباح ورؤوس الأموال، وأنظمة تشريعية متكاملة لتنظيم القطاع الاستثماري والتجاري، والإعفاء الضريبي على المعدات لتأسيس المشاريع الصناعية أو التوسيع، وكذلك الإعفاء الضريبي على مدخلات الإنتاج، وهناك نطاق واسع من الأنشطة مفتوح للاستثمار الأجنبي، وهي حوافز ستفتح آفاق المستقبل للعديد من القطاعات المستهدفة مثل التصنيع، القطاع اللوجستي، التعدين، السياحة، والثروة السمكية، بالإضافة إلى قطاعات مساندة وهي التعليم والصحة ونُظم المعلومات والطاقة البديلة، وهي قطاعات تمتلك مقوِّمات واعدة ترتكز على قواعد اقتصادية متينة ستحقق الفائدة المتبادلة للسلطنة والمستثمرين الذين يعملون فيها، وستوفر فرص عمل للكوادر الوطنية التي أثبتت قدرتها على العمل المبدع في القطاعات كافَّة.