طارق علي سرحان:
مع تحليلها لماهية ومعطيات ومفاهيم الدراسات الثقافية ضمن فعاليات "صالون الأربعاء"، تستشرف الجمعية العمانية للكتاب والأدباء مقترحات تحديث تلك الدراسات في إطار ثقافي معرفي تبلورت خلاله تلك المفاهيم في سعي لتوطين وإعادة توطين هذه المفاهيم.
وللدراسات الثقافية دور كبير في إحداث تغير أدبي ولو أنها ظلت معزولة نسبيا قرابة عقدين كاملين منذ ظهورها في خمسينيات القرن الماضي بالمملكة المتحدة، حتى اخترقت الولايات المتحدة الأميركية محدثة تغيرا في نهضتها الأدبية وحتى برامج السينما والتلفزيون في الثمانينات.وعلى الصعيد العربي، ومع كثرة المؤلفات اللغوية، أصبح من المهم الالتفات لأهمية تلك الدراسات كونها تساعد الأدباء والشعراء والكتاب في التحرر من القوالب الثابتة للدراسات اللغوية.
وتلقي المحاضرة التي أدارها الباحث بدر بن حارب الحراصي، وقدمها الكاتب والناقد العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم، الضوء على الخلفية المنهجية التي أدت الى ظهور الدراسات الثقافية التي انفجرت في وجه هيمنة الدراسات اللغوية الكلاسيكية، متحررة من مظاهر التفكير والتعبير بأطر ضيقة، ناهيك عن القوالب الثابتة التي صنعتها الأخيرة بذريعة انتاج (علم أدبي) كما يشير الكاتب.
وتمضي المحاضرة في ابراز دور الدراسات الثقافية وتحديثها لواقع الظاهرة السردية في الأدب العربي، حيث أشار الكاتب العراقي نظرته فيما بعد للسرد على أنّه "ممارسة ثقافيّة أكثر منه ممارسة لغوية" وهو ما يحرر الكتاب من القيود المدرسية لمناهج السرد وهو ما أدى بطبيعة الحال الى اندثار السرديات الكلاسيكية بعد ان ازاحتها نظيرتها الثقافية بجماليات نصوصها ووظائفها التمثيليّة كما يشير.
ومع اهتمامها بتلك النوعيات من المحاضرات التي ترمي الى عملية التحديث الثقافي، تدرك الجمعية العمانية للكتاب والأدباء أن عالمنا العربي في حاجة ملحة لتلك الدراسات الثقافية من أجل توطين وإعادة توطين الكثير من المفاهيم التي تربطنا بالعالم من حولنا وبناء جسور ثقافية معه نرقي من خلالها عملية الإبداع الثقافي.