ما زال الكلام على إقامة حوار سوري سوري يحظى بالاهتمام وبالإشارة إلى أنه الحل الأنسب لإخراج سوريا من وطأة أزمتها التي قاربت على الدخول في عامها الخامس. وبإمكان هذا الحوار إن تحقق، وحقق معه نتائجه المرجوة إن يرفع مستوى الأمل لدى السوريين بإمكانية اجتيازهم لأزمتهم والوصول مجددا إلى عالم الهدوء المنتظر.
لكن هذا الأمل مازالت تحبسه مجموعة عراقيل، يبدو ابرزها المعارضة السورية التي أبرز وجوهها مايسمى بالائتلاف السوري. فحتى هذه اللحظة، ورغم الجهد الروسي البناء وتبركيزه على اقامة هذا الحوار ان في موسكو كما رغبتها او حتى في دمشق كما تتمنى الحكومة السورية، فان العرقلة قائمة لإنعدام التمثيل الحقيقي لتلك المعارضة التي تحولت الى معارضات، لايجمعها أحيانا موقف مشترك ولا فكرة مشتركة، كما أنها ما زالت تعيش وهم الأيام أو الشهور الأوائل من الازمة وفحواها ان النظام ساقط لامحالة، وانها تنتظر ذلك بين يوم وآخر، بل أن بعضها قام بحزم أمتعته استعدادا للسفر إلى دمشق انطلاقا من إشارات مبهمة جاءتها بأن هذا النظام سوف ينهار ولن يبقى له أثر.
اليوم تغيرت الظروف، بقي الجيش العربي السوري على قتاله المعهود وهو متراص تماما، وظلت القيادة كما عهدها الجميع واقفة صامدة تقود المراحل بعين لاتنام وصبر منقطع النظير ورباطة جأش، كما بقي الشعب السوري على وحدته يقف وراء قيادته ونظامه ودولته، يهدر في الشارع عندما يتطلب الأمر من اجل ممارسة أفكاره التي يؤمن بها. لكن هذه المعارضة لم يتغير عند البعض منها أفكاره القديمة تلك والتي باتت عبئا عليه ومانعة من أن يعيد النظر في حساباته، فأما إنه عاجز عن قراءة الواقع السوري، وأما أن من يوسوس في صدره يحبسه عن رؤية الحقيقة التي يفترض رؤيتها. ولهذا السبب نجد معارضة وعت التطورات وطبيعة ما وصلته الأزمة، وأخرى ما زالت متخلفة، واقفة عند حدود الماضي الذي تغير هو الآخر. وبالإمكان القول، إن فشل المعارضة السورية في توحيد نفسها سيؤدي إلى انعدام فرصة الحوار السوري السوري وبالتالي ضياع أمل من الآمال الممكنة التحقق.
وبصراحة التعبير فإن الدولة السورية المستعجلة لإنهاء الأزمة، لم تعرف حتى الآن الجهة الصالحة للحوار في تلك المعارضات المختلفة، وهنا تصبح بالتالي غير مستعجلة لأنها تسعى للوضوح، كما تسعى لأن تصل إلى حل مناسب، فإذا لم يكن كذلك فلن يضيرها سوى أن فرصة ضاعت تتحمل مسؤوليته معارضات لا تريد حلا، طالما أنها تقطن الفنادق الفخمة وتكنز الأموال ولا يعنيها سواء طال عذاب الشعب السوري أو توقف.
القيادة السورية يهمها الوصول إلى حل أزمة بلادها وهي تفتش عنه من أي سبيل أتى، وخصوصا أن طموحها يقوم على أن يكون سوريا، فخير الحلول هي التي تأتي من أصحاب المشكلة، ورغم أنها قبلت بوجهة النظر الروسية القائلة بجمع المعارضة والنظام، إلا أنها أيضا تسجل لنفسها خصوصية اختيار المناسب كي لا يتكرر جنيف 2 وما جرى به مما لا يناسب الحل المنشود.
بانتظار إنضاج حالة المعارضة لتصبح جاهزة للحوار، فإن القيادة السورية جاهزة تماما لدور تاريخي يعيد الحياة الهنيئة إلى سوريا العزيزة.