موسكو تعرض إمداد كييف بـ(الفحم)
كوستياتينيفكا (أوكرانيا) ـ عواصم ـ وكالات: تواصل كييف والمتمردون الموالون لروسيا أمس عملية تبادل الأسرى في اطار اتفاق تم التوصل اليه خلال محادثات السلام في مينسك خلال الاسبوع الجاري التي لم تسمح بتسوية الخلافات الاساسية وتراوح مكانها.
واستقبل الرئيس الأوكراني في مطار عسكري الجنود.
وجاء في بيان عن المكتب الرئاسي الأوكراني قول بوروشينكو:"إنني كرئيس وكمواطن تملؤني السعادة لأنكم استطعتم، كما وعدناكم، أن تلتقوا ذويكم ورفقاءكم في السلاح مع مطلع العام الجديد".
كانت القيادة السياسية في كييف والمتمردون الموالون لروسيا اتفقوا في الرابع والعشرين من الشهر الجاري في العاصمة البيلاروسية مينسك على تبادل للأسرى وذلك بعد مفاوضات متعثرة.
ورحب بوروشينكو بأول دفعة من الجنود المحررين (145 جنديا)، ومن المنتظر تحرير المزيد من الأسرى.
وكان الجانبان تبادلا من يوم الجمعة مئات الاسرى في عملية بدأت بمجموعات تضم كل منها عشرة معتقلين بالقرب من مدينة كوستيانتينيفكا التي تبعد نحو 45 كلم شمال دونيتسك معلق المتمردين الانفصاليين.
وذكرت صحافية من وكالة الانباء الفرنسية ان العملية شملت 222 متمردا من رجال ونساء، و146 جنديا اوكرانيا. ووقف الاسرى الذين كانوا بلباس مدني ويحملون اكياسا في الصف.
وراقب عدد كبير من ممثلي منظمة الامن والتعاون في أوروبا العملية التي جرت في الظلام على طريق باستثناء انوار بعض السيارات.
وقال ارتيم سيوريك (28 عاما) طبيب قات وزارة الداخلية الذي اسر قبل اربعة اشهر، لفرانس برس "إنني سعيد بالعودة الى بيتي ولقاء والدي وزوجتي الذين لا يعرفون حتى الآن انه اطلق سراحي".
اما دينيس بالبوكوف (21 عاما) احد المتمردين الذين تم اطلاق سراحهم، فقد قال "لا اريد سوى التحدث ولى اهلي واكل البيض". وتعهد بـ"استئناف القتال".
لكن لا يرغب كل الاسرى الاوكرانيين في العودة الى اوكرانيا. وقال احدهم الكسي سامسونوف الذي قاتل في الجيش الاوكراني انه ولد في روسيا وسيعود الى مسقط رأسه.
وقالت ممثلة الانفصاليين داريا موروزوفا ان الاسرى الذين اطلق المتمردون سراحهم كانوا محتجزين في منطقة دونيتسك. واضافت ان تبادل خمسة أسرى من جمهورية لوجانسك الانفصالية المجاورة سيجري امس.
وعملية تبادل الاسرى الواسعة هذه كانت النتيجة الوحيدة التي تم التوصل اليها خلال مفاوضات الاربعاء بين مجموعة الاتصال (التي تضم منظمة الامن والتعاون في اوروبا وممثلين عن كييف وموسكو) والانفصاليين الموالين لروسيا.
وكان يفترض ان تستأنف المفاوضات في مينسك لكن ذلك لم يتم.
ويطالب المتمردون خصوصا باستئناف تمويل المناطق الخاضعة لهم الذي قطعته كييف في منتصف نوفمبر و"بوضع خاص" يمنح مزيدا من الحكم الذاتي الى منطقتي دونيتسك ولوغانسك.
وهذا الوضع مقرر في الاتفاقات التي وقعت في مينسك في سبتمبر. لكن كييف والغربيين يتهمون المتمردين بتخريب هذه الاتفاقات عبر تنظيمهم مطلع نوفمبر انتخابات دانتها الاسرة الدولية وطلبت السلطات الاوكرانية الغاءها.
وكانت المفاوضات بدأت في سبتمبر في مينسك لانهاء النزاع الذي ادى الى سقوط 4700 قتيل خلال ثمانية اشهر.
ويتبادل الجانبان الاتهامات بتقويض عملية السلام. وقال رئيس "جمهورية" دونيتسك المعلنة من جانب واحد الكسندر زخاراتشنكو الخميس ان كييف تسعى "الى افشال مفاوضات السلام" وتستعد "لهجوم واسع" على المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون.
وقالت وكالة انباء انترفاكس-اوكرانيا التي تعتبر مطلعة على موقف المفاوض الاوكراني الرئيس السابق ليونيد كوتشما أن الانفصاليين يسعون الى مراجعة اتفاقات مينسك.
وذكرت نقلا عن مصدر مقرب من المفاوضات ان جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك مثلتا الاربعاء "باشخاص غير كفوئين وغير قادرين على اتخاذ قرار وليسوا على اطلاع على الاتفاق المعقودة سابقا".
من جانبها نشرت روسيا النسخة الجديدة للعقيدة العسكرية لروسيا التي اقرها الرئيس فلاديمير بوتين والتي تعتبر حلف شمال الاطلسي تهديدا اساسيا للامن.
كما تنظر العقيدة الجديدة بقلق الى "تعزيز القدرات الهجومية للحلف الاطلسي على أبواب روسيا مباشرة والاجراءات التي اتخذها لنشر منظومة شاملة مضادة للصواريخ".
وكانت أوكرانيا اتخذت خطوة نحو الحلف الاطلسي الأربعاء بالتخلي عن وضعها كدولة غير منحازة في اجراء رمزي اثار غضب موسكو لانه يفتح الباب امام كييف لطلب الانضمام مستقبلا الى الحلف.
كما نددت موسكو اكثر من مرة بقرار الحلف الأطلسي نشر قوات في عدد من الدول الاعضاء الواقعة على حدود روسيا مثل دول البلطيق او بولندا اضافة الى مشروع نصب الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في شرق أوروبا.
إلا أن النسخة الجديدة ابقت على الطابع الدفاعي للعقيدة العسكرية الروسية مع التشديد على عدم التدخل عسكريا الا بعد استنفاد كل الحلول غير العنيفة.
وفي حين يشهد الحوار السياسي ركودا، اعلنت اوكرانيا تعليق خدمة القطار والحافلات الى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في مارس.
وتعتمد القرم كثيرا على اوكرانيا لتزويدها بالماء والكهرباء. وكانت محرومة من التيار الكهربائي لعدة ساعات.
في الوقت نفسه، اعلنت الشركات الاميركية لنظام الدفع بواسطة بطاقات فيزا وماستركارد انها اوقفت اصدار بطاقاتها في القرم اثر العقوبات الاميركية التي فرضت على شبه الجزيرة.
واعتبر بعض المحللين هذه الاجراءات متعمدة من جانب كييف لتقوية موقفها في مفاوضات مينسك.
من جهة اخرى صرح نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري كوزاك أمس بأن بلاده اتخذت قرارا بتزويد أوكرانيا بـ500 ألف طن من الفحم شهريا لحل مشكلاتها الخاصة بالطاقة.
وقال كوزاك في تصريحات لقناة"روسيا 24 تي في" إنه في حال التوصل إلى اتفاق إضافي "فإننا مستعدون لإمداد أوكرانيا بـ500 الف طن أخرى ليصل الإجمالي إلى مليون طن لمساعدتها في حل مشاكل الطاقة".
وأضاف كوزاك في التصريحات التي أوردتها وكالة إيتار تاس أن هذا القرار اتخذ بناء على طلب من أوكرانيا، متابعا أنه سوف يتم تزويد الأخيرة بناقلات الطاقة بشروط ميسرة.
وأعرب كوزاك عن أمله في أن يساعد ذلك على تأمين إمدادات للطاقة يعتمد عليها لشبه جزيرة القرم.
واستطرد أن روسيا سوف تزود أيضا أوكرانيا بالكهرباء ،لكنه لم يذكر حجمها.
ويأتي قرار روسيا بإمداد اوكرانيا بالفحم رغم التوتر في العلاقات حيث تتهم كييف موسكو بدعم الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا،وهو ما تنفيه موسكو.