تضمّ مجموعة من الكتب القيّمة فـي مختلف العلوم والمعارف

مسقط ـ العمانية:
وقد شهدت نهضة عُمان الحديثة نقلة نوعية في إبراز الكاتب والمفكر العُماني وعملت على توثيق أعماله وإيصالها لكافة أقطار العالم من خلال المؤتمرات والبرامج الأدبية المتعددة، إضافة إلى تأسيس المرافق العلمية والمعرفية لتكون معينًا له في طريق العلم والمعرفة.
ومن بين أشهر تلك المرافق المعرفية (مكتبة جامع السلطان قابوس الأكبر)، فهي مكتبة عامّة تقع ضمن مرافق جامع السلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر، وهي إحدى المكتبات التي يشرف عليها مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، وتسعى إلى أن تكون واجهة حضاريّة وثقافية للسّلطنة، وتهدف إلى نشر الثقافة والوعي المعلوماتي بين أفراد المجتمع العُماني، كما تعمل على توفير البيئة الملائمة للباحثين والدارسين.
تزامن افتتاح المكتبة مع افتتاح جامع السلطان قابوس الأكبر في العاشر من صفر 1422 هجرية الموافق الرابع من مايو 2001 ميلادية تحت الرعاية السّامية للمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد ـ طيّب الله ثراه.
والزائر للجامع الأكبر سيجد أنّ هذه المكتبة ذات التنوع المعرفي تقع على يمين المدخل الرئيسي بالرّواق الجنوبي للجامع، وتضمّ مجموعة ثريّة من الكتب القيّمة في مختلف العلوم والمعارف، وتحوي مساحاتٍ مخصّصةٍ للقراءة والاطّلاع، تُزينها النوافذ الخشبية التي تسمح بإيصال الضوء الطبيعي للمكان. كما تشرّفت المكتبة مؤخرًا بانضمام حزام من كسوة الكعبة المشرّفة والمُهدى إلى السلطان قابوس بن سعيد - طيّب الله ثراه.
كما تضم المكتبة بين جنباتها ما يزيد على (28820) كتابًا، وتمّ اتّباع تصنيف (ديوي العشري) لتنظيم مصادر المعلومات إلى عشرة أقسام أساسيّة، وهي موزّعة على أقسام المكتبة وتتمثل في القسم العام الذي يضم أكثر من (20900) كتاب، وهو يمثّل بذلك معظم رصيد المكتبة من الكتب، ويتوزع على الدورين الأول والثاني، وتمّ تنظيم الكتب في القسم إلى عشرة أقسام موضوعية، وهي: المعارف العامة والفلسفة وعلم النفس والديانات والعلوم الاجتماعية واللغات والعلوم الطبيعية (الرياضيات والفلك، والفيزياء، والكيمياء، والجيولوجيا، والأحياء)، والعلوم التطبيقية (الطب، والهندسة، والزراعة، وإدارة الأعمال...الخ)، وقسم الفنون الجميلة، والآداب، والتاريخ، والجغرافيا.
وهناك أيضًا قسم للكتب العُمانية، ويضم المؤلفات العُمانية وما نُشِر عن السلطنة في مختلف مواضيع المعرفة البشرية، ويقع في الدور الأول للمكتبة، ويبلغ عدد الكتب فيه حوالي (3719) كتابًا، كما تحوي المكتبة قسمًا للكتب المرجعية به دوائر المعارف والموسوعات والقواميس، وتبلغ حوالي (1006) مراجع.
وهناك أيضًا قسم مخصص للرسائل العلمية وفيه رسائل الماجستير والدكتوراة، التي تصل أغلبها عن طريق الإهداء من الباحثين أنفسهم، أو من جامعة السلطان قابوس، وهو يقع في الدور الأرضي بالمكتبة، ويحتوي على أكثر من (430) رسالة علمية، إضافة إلى قسم الأطفال الذي يحتوي على مجموعة قيّمة من مصادر المعلومات الموجهة للأطفال، بالإضافة إلى عدد من الألعاب التعليمية، وهي تقع في الدور الأرضي بالمكتبة، ويزيد عددها على (2694) كتابًا.
وللمكتبة خدمات تقدّمها للباحثين عن المعرفة والراغبين في قضاء أوقات للقراءة بين جنباتها بما في ذلك الخدمة المرجعيّة، وتتمثل في الرد على استفسارات المستفيدين سواء بالحضور الشخصي أو الاتصال بالهاتف، بالإضافة إلى المطالعة الداخلية، حيث توجد أماكن مهيأة للمطالعة والقراءة، وخدمة الحاسب الآلي، والإنترنت السلكية واللاسلكية للاستخدام العام للمستفيدين، بالإضافة إلى خدمة الطباعة والنسخ، وخدمات التدريب والتعليم التي تشمل تدريب المستفيدين على استخدام المكتبة والبحث في الفهرس وطريقة تنظيم الكتب، وكيفية الوصول إلى الكتاب على الرف، وطريقة استخدام آلة التصوير، كما تقوم المكتبة بتدريب الطلبة المتخصصين في دراسات المعلومات بالتنسيق بين الجهة التي يدرس فيها الطالب وإدارة المكتبة.
كما توفر المكتبة خدمة الإحاطة الجارية بالكتب الجديدة، وهي عبارة عن إعلام مرتادي المكتبة بالكتب التي وصلت حديثًا، وخدمة المشاركة في تنفيذ مسابقة اقرأ للناشئة، حيث تُعد المسابقة إحدى المبادرات المجتمعية التي يُنفّذها مركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم، والتي انطلقت بداياتها من مكتبة جامع السلطان قابوس الأكبر، وتهدف المسابقة إلى غرس عادة القراءة لدى الناشئة، وحثهم على ارتياد المكتبات وترسيخ مبادئ وقيم المواطنة الصالحة وحب الوطن.
وتتوفر في المكتبة أماكن مخصّصة؛ لأغراض المطالعة الجماعية واستخدامات الإنترنت، واستقبال وتنظيم الزيارات المدرسية، ويتولى العاملون بالمكتبة تعريفهم بالمكتبة وإعطاءهم نبذة عنها، وتنفيذ حصة تعريفية بأهمية الكتب والقراءة لطلاب الحلقة الأولى، وذلك بالتنسيق المُسبق بين المدرسة والمكتبة.
يقصد المكتبة التي تفتتح أبوابها للزوّار يوميًا على فترتين، الباحثون والطلبة من مختلف الفئات العمرية والاهتمامات المعرفية، إمّا للاستفادة ممّا تقدمه من المصادر والخدمات المعلوماتية الأخرى التي يحتاجها الباحث والدارس، وإمّا للاستفادة من جوّ المكتبة الهادئ والمشجّع على المطالعة والاستذكار، كما تستقبل المكتبة السائحين الأجانب المهتمين بزيارة الجامع الأكبر والمهتمين بزيارة المكتبات للتعرُّف على التراث الفكري للبلد، وتراوحت أعداد زوار المكتبة بين (26788) زائرًا خلال عام 2018، وحوالي (26860) خلال عام 2019، في حين تراجع عدد الزوّار خلال عام 2020 إلى (6594) بسبب الظروف الاستثنائية لجائحة (كوفيد ـ 19).
يشكّل الواقع الثقافي والإنساني المتنوّع الذي طالما أوجده مفكرو عُمان ومبدعوها أساسًا قامت عليه الأجيال المتلاحقة، فمنذ قرون ماضية كان للمفكر العُماني الإسهام المعرفي في نشر العلوم والمعارف، ومن خلال طرق عديدة، وخير مثال على ذلك أن المكتبات العالمية شهدت حضوره المتمكن بأساليبه المعرفية المتنوعة، وكما عُرف عنه بالتسامح وتقبل الآخر، لم يكُن محصورًا في إطار أو قالب معرفي محدد، وإنما عمل بالاشتغال على كل ما يلبي طموح الباحث في العلوم الإنسانية وخصائصها.