هيثم العايدي:
جاء تفاؤل رئيس الحكومة اللبنانية الجديدة نجيب ميقاتي بالمساندة العربية لحكومته، واعتباره أن لبنان لن ينفصل عن محيطه العربي مرافقا لنقطة أساسية تطرق لها ميقاتي، وهي الحرص على تجنيب السياسة في الفترة الحالية، والتركيز على ما يحتاجه لبنان من متطلبات آنية في الفترة الحالية؛ ليصيغ معادلة تمكن بلاده من الخروج من أزمتها حال تحقيق هذين الركنين الأساسيين.
وفي تأكيده على المحيط العربي طرح ميقاتي ما يشبه التعهد بابتعاد سياسات لبنان الخارجية عن المحاور، معتبرا أن أولوياته تتضمن العمل على إعادة لبنان إلى الشرعية الدولية وحضن جامعة الدول العربية وانتهاج "التوازن اللبناني في العلاقات مع كل القوى".
ويأتي ذلك من منطلق أن الأزمة اللبنانية الحالية بيَّنت احتياج لبنان إلى المحيط العربي حيث إن أحد الحلول التي تم طرحها لحل أزمة الطاقة التي خلفت انقطاعات غير مسبوقة في التيار الكهربائي، وأثرت على عمل قطاعات حيوية مثل المخابز والمستشفيات يتمثل في ضخ الغاز من مصر عبر الخط العربي الذي يمر عبر الأردن وسوريا؛ وذلك لتشغيل محطات الكهرباء وبخاصة محطة طرابلس.. ومن المتوقع أن يتم ضخ الغاز المصري إلى لبنان خلال أسابيع أو أشهر قليلة وفق ما صرح به وزير البترول المصري.
كذلك وفي إطار التعاون العربي أيضا يكشف ميقاتي في حوار صحفي عن شروعه منذ بداية تكليفه بتشكيل الحكومة في التواصل مع الصناديق العربية لإعادة تفعيل مشاريع الدعم للبنان.
أما النقطة الأهم والتي يبدو أن ميقاتي يعيها جيدا فهي تجنيب الخلافات والتحزبات، حيث رفض الانجرار إلى أحاديث عن الأثلاث أو الحصص التعطيلية، معتبرا أن حصته في هذه الحكومة بناء على علاقته بالوزراء الذين تم اختيارهم تتخطى ثلثي الحكومة، وهو أمر يراه أنه سيعمل على تجنيبها أي انقسامات. حيث قال في هذا الصدد بصريح العبارة "لا نريد التعاطي بالسياسة، فليس وقتها الآن، بل يجب العمل للإنجاز، بغضِّ النظر عن الحديث عن الثلث والثلثين وكل هذه التحليلات، ولو كان هناك من يريد التعاطي في المجال السياسي أو لمصلحة قوى سياسية، لكان الأفضل عدم تشكيلها".. مشددا على أن لبنان لا يحتمل أن يبقى مجلس الوزراء حلبة للصراعات أو الخلافات.
ومع الثقة في روابط الأخوة العربية، يأتي تحرك ميقاتي في إطار من الواقعية التي تتطلب وجود برنامج إصلاحي شامل هدفه إنقاذ لبنان من أزماته، كاشفا أن السياسة العامة لحكومته ستنقسم إلى أولويات متعددة، أولها الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وثانيها وضع أسس التفاوض مع صندوق النقد الدولي، ومثلما صرح ميقاتي فإنه "لا يمكن للبنان النهوض من أزمته بدون مساعدة نفسه ومساعدة أشقائه العرب.