ناصر بن سالم اليحمدي:
التقرير الذي صدر مؤخرا عن وزارة المالية متضمنا بيانا تفصيليا بالحساب الختامي لأداء الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2020م يبرهن على أن حكومتنا الرشيدة تتعامل مع أبناء عمان الأوفياء بمنتهى الشفافية والصدق، وهي مبادئ تستحق كل التقدير والاحترام.. فالأرقام التي تضمنها التقرير تبلور الوضع الصعب الذي عاشته الدولة خلال الفترة الماضية في ظل انتشار جائحة كورونا التي أدَّت إلى انهيار أسعار النفط وتدهور الاقتصاد العالمي، إلا أن الوضع في السلطنة لم يكن مأساويا مثل بعض الدول حتى وإن انخفضت الإيرادات الفعلية المحصلة، وارتفع العجز الفعلي عن الموازنة المعتمدة، فالأمور ما زال يمكن السيطرة عليها وتحقيق الأهداف المرسومة.
لا شك أن تداعيات جائحة كورونا وما أعقبها من تشديد الإجراءات الاحترازية والإغلاق والتباعد الاجتماعي، وحظر التجوال وغيرها من القرارات التي كانت تهدف إلى الحدِّ من انتشار الفيروس والمحافظة على صحة المواطنين كان لها أثر كبير في تراجع الاقتصاد، خصوصا أن هناك قطاعات بالكامل كانت شبه متوقفة تماما مثل قطاع السياحة المهم الذي كان يدر دخلا مقبولا، وكذلك الحال بالنسبة للقطاعات الثقافية والرياضية وكافة القطاعات تقريبا، والتي تأثرت بشكل كبير بقرارات الإلغاء والإغلاق والتباعد.. وبالرغم من ذلك لم تتوقف المسيرة التنموية المتجددة، وظلت تسير في طريقها الصحيح يجسد ذلك إبرام السلطنة اتفاقيات مع دول عربية وأجنبية على المستوى التجاري والصناعي والاقتصادي بصفة عامة تسهم في الدفع بعجلة الإنتاج والتقدم والتي ستؤتي ثمارها خلال السنوات القادمة.. أي أن الإنفاق يكون في الوقت الحاضر والعائد في المستقبل.. كما أننا لا يمكن أن نتجاهل أن سعر النفط المعتمد في الميزانية أكبر من السعر الواقعي، وهو ما تسبب في حدوث فجوة في الإيرادات.
إن الأرقام التي تضمنها تقرير وزارة المالية لا يثير لدينا أي قلق على مستقبل البلاد الاقتصادي؛ لأننا ندرك تماما أنها في أيدٍ أمينة، وأن قائدها المفدى بحكمته ورؤيته الثاقبة للأمور سيستطيع أن يعبر بالوطن إلى بر الأمان.. حيث أثبتت الاستراتيجية التنموية للسلطنة أنها تسابق الزمن في الأداء المتميز يشهد على ذلك العديد من الدوائر الإقليمية والدولية وشهادات التميز التي حصلت عليها في تلك المحافل وآخرها تقرير صندوق النقد الدولي الذي خرج في نفس اليوم الذي كشفت فيه وزارة المالية عن تقريرها السنوي، حيث أشاد الصندوق بإجراءات السلطنة لتعزيز بيئة الأعمال ودعم الاقتصادات المتضررة واحتواء الآثار الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا والجهود المبذولة في حملة التحصين الشاملة، كما توقع فائضا في موازنة 2022 وتراجعا في الدين العام، وأشار إلى أن النمو الحقيقي يزيد تدريجيا، وتوقع أن يصل 4% بحلول عام 2026م إلى آخر هذا التقرير المبشر بالخير بالنسبة للوضع المالي للسلطنة.
لا شك أن اطمئنان صندوق النقد الدولي للوضع الاقتصادي للبلاد يبرهن على السياسة الحكيمة التي تسير عليها السلطنة لمواجهة الأزمة المالية العالمية الحالية؛ لأنه بالتأكيد وضع في اعتباره عند كتابة التقرير عدم استقرار سعر النفط عند رقم معيَّن وتذبذب قيمته، وكذلك تداعيات جائحة كورونا التي من المحتمل أن تستمر لفترة من الزمن وغير ذلك من العوامل التي تثير القلق والإحباط.. ولكن مؤشرات التقرير جاءت كلها متفائلة وترسم صورة مشرقة للوضع الاقتصادي للسلطنة.
نتمنى أن تحقق السلطنة المزيد من التقدم والاستقرار، وأن تتمكن من الحفاظ على مؤشر تعافي الاقتصاد الوطني، وأن تكلل الجهود التنموية بالنجاح الباهر الذي يصب في صالح البلاد والعباد.
* * *
ساعات وتفتح المدارس أذرعها وأبوابها لاستقبال أبنائها الطلاب في الوقت الذي يُعد فيه التعليم هو أساس نهضة أي أمة، والركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة بها.. خصوصا أننا نعيش الآن عالما يتطور فيه العلم والتكنولوجيا بطريقة متسارعة مما دعا بالحاجة لتطوير التعليم كي يواكب ويلاحق هذا التدفق المعلوماتي المهول، وهو ما يمثل تحديا وصداعا لأي دولة تريد أن تلحق بركب التطور والتقدم.
لا شك أن التعليم يعد الممول الأساسي لتخريج كوادر بشرية مؤهلة وقادرة على مواكبة تطورات العصر؛ لذلك نجد أن حكومتنا الرشيدة حرصت دائما على أن تتم عملية تطوير التعليم بصورة صحيحة، فقامت بالتركيز على عدة عوامل لعل أهمها تطوير المعلم الذي يُعد المحور الأساسي في هذه العملية مع ضرورة الاستفادة من التجارب السابقة محليا وعربيا ودوليا في هذا المجال، بالإضافة إلى تجديد المناهج الدراسية بما يواكب أحدث التطورات العالمية.. كما حرصت على تحسين نظرة المجتمع نحو التعليم الفني والمهني، حيث إن هذا النوع من التعليم يعاني من ظلم كبير نتيجة النظرة السلبية التي يرمقها له المجتمع المدني والذي لا يتباهى إلا بالتعليم النظري فقط رغم أن أساس تطور أي مجتمع يقوم على التعليم المهني.. إلى جانب أنها تقوم بمساعدة الطلاب في اختيار المسار المناسب لقدراتهم وميولهم نظرا لأن عدم الوعي بقدرات الخريج وميوله يزيد كثيرا من فرص الفشل نتيجة عدم وعيه لقدراته وتوظيفها واستغلالها الاستغلال الأمثل الذي يعود عليه وعلى مجتمعه بالخير والنفع، حيث يجب أن يكون لدى الخريج عدة مهارات أساسية متعارف عليها دوليا تؤهله للاندماج في العالم الخارجي.
نتمنى لكل المسؤولين التوفيق في العمل على تطوير التعليم بما يعود على عُمان بالخير والنفع، كما نتمنى للطلاب النجاح والفلاح أن يوفقهم الله للسمو بوطنهم ورفع رايته خفاقة عالية.