[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
للوهلة الأولى نظن أنها سنة جديدة، مجرد استعمال كلمة جديدة يعني أنها خالية من الماضي، أما الحقيقة فتقول بأن العام القادم ليس جديدا، إنه محمل بكل الماضي ومعه سؤال المصير الذي عادة يماشي سوء الحال.
العالم من حولنا سيهتف ويرقص ويفرح ويفرخ ماعنده من أمنيات، أما نحن فلا نملك شفاها كي تبتسم، ولا عيونا كي ترى عكس الصورة، لا نملك سوى يدين لكي نضرب بهما كفا بكف كلما أدلهم المزيد من الأمل الذي خسرناه منذ ان اطلقت اول رصاصة على جندي عربي لم يكن يعرف انه سيكون الضحية الأولى في لعبة الأمم التي تتجدد كلما بحثت عن أفق لها.
إنها إذن سنة قديمة مستعادة من الماضي، من سنوات تضج فيها أصوات هائلة من القنابل والطائرات والصراخ والكلام الباحث عن أمل .. نخاف أن يقال خلال هذه السنة " يامحلى السنوات الماضية " .. مع أننا موعودون من قبل مسؤولين عرب ان تكون سنة النهاية ل " داعش "، نشك بكلام نرى على الأرض مدى صعوبة تحقيقه.
لن تكون الدنيا بخير، الشر مبذور في كل مكان، أنه متراكم ومصنوع بعناية الصانع الذي وهبه لمنطقة لم تقدم شرا لأحد لأنها لاتملك سلطة على اي كان. منطقتنا تصرخ من اجل الاستقلالية لكنها مستعبدة ومغمورة بالاستعباد .. كيف للكبار ان يتركوا منطقة غنية وضعيفة في آن معا. غنية بخاماتها، لكنها لاتملك القدرة على حماية نفسها من غدر الغادرين.
روح الماضي اذن معلقة على ذنب السنة الحالية التي ستعلقه على رأس السنة القادمة، فلا مهرب من ماض يراد قتله لكنه يملك حيوية الحياة الدائم. اذا تحدثنا مثلا عن سورية وهي الاقرب الى البال، فنحن امام عام تدخل فيه الازمة سنتها الخامسة بلا انقطاع .. اليوميات السورية مليئة بالعسكرة وبخيبات الأمل، وبالتنظير وبالوجع، لكنها مزهرة في اولئك الذين صمدوا يتطلعون للمستقبل، وبالتالي فلن يأبهوا لسنة خامسة او سادسة، طالما ان صناعة التاريخ الجديد تجري في اعماق بلدهم.
لن أقول إذن إن هنالك سنة جديدة، ففي هذا العام كما سيبدو من اولياته، محاولات قد لاتثمر عن حل في سوريا، وفي ليبيا ضرب من الجنون اليومي الذي قضى على وطن وصار خطره خارج مكانه، وفي مصر صورة الداخل هي الاطار العملي للحكم الجديد، وفي العراق لهاث من اجل استعادة ماسرق من وطن، وفي لبنان محاولة لإبعاده عن شقاء المنطقة، واما في تونس فثمة ولادة لطفل جميل اسمه الرئاسة ... واهم من كل هذا وذاك، ان عالما من التوحش يهز المنطقة من اقصاها الى اقصاها بل الى العالم بأسره، وهو اضافة على أوضاع مهترئة كانت قائمة ويراد تصحيحها. فمن اين لنا ان نعلن عن عام جديد وكل القديم مبثوث في طلة هذا القادم ، المحمل بغبار ماقبله وصوت ماقبله وعبرة ماقبله.
إنها سنة تكمل ما بدأ .. عام منذ لحظاته الأولى مسير في طريق ما سبقه .. لن يكون فيه جديد ولا تجديد .. حمولة ضاغطة منذ لحظات إطلالته على العالم والحياة قد لا يتمكن من حلحلتها خلال وجوده.