يؤدِّي الائتمان المصرفي دورًا بالغ الأهميَّة في دعم عمليَّة التنميَة الاقتصاديَّة، وذلك لكونه وسيطًا ماليًّا بَيْن المُدَّخرين والمُستثمرين من خلال تحويل النقود المستلمة من المصرف على شكل ودائع مصرفيَّة من شخص لديه فائض نقدي إلى شخص بحاجة ماسَّة إلى هذا الفائض، كما يُسهم الائتمان المصرفي في توجيه النشاط الاقتصادي نحو المشاريع الاستثماريَّة بشكل عام، والمشاريع الاستثماريَّة الاستراتيجيَّة بشكل خاص وفق المخطَّط الوطني لهذه البلد أو ذاك. فالائتمان المصرفي يعمل على تمويل المشاريع التي تزيد من قدرة الاقتصادات الوطنيَّة على الاستفادة المُثلى من الموارد المتوافرة والمقوِّمات الاقتصاديَّة، عمومًا فالنِّظام المصرفي يدعم ويُسهم في زيادة النُّمو الاقتصادي. فالتَّوجيه الأمثل للموارد يؤدِّي إلى زيادة حجم الأنشطة الاستثماريَّة، ثمَّ زيادة فرص العمل، ممَّا يؤدِّي إلى زيادة الإنتاج وزيادة الدخول، وزيادة معدَّلات النُّمو الاقتصادي من خلال التأثير المضاعف.
إنَّ الغالبيَّة العظمى من خبراء الاقتصاد حول العالم يُشدِّدون على أهميَّة توجيه الائتمان للقطاع الخاص، وخصوصًا المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر؛ لما لها من دور کبير في تعزيز النُّمو الاقتصادي من خلال التوظيف والإنتاج والخدمات اللوجستيَّة.
وتأتي السلطنة على رأس الدول التي تؤمن بقدرات القطاع المصرفي في تعظيم النُّمو المستدام، حيث أشارت البيانات الصادرة عن البنك المركزي العُماني إلى ارتفاع إجمالي رصيد الائتمان الممنوح من قِبل البنوك التقليديَّة والإسلاميَّة أو ما يُعرف بشركات الإيداع الأخرى بنسبة 3ر4 بالمئة ليصل إلى 3ر27 مليار ريال عُماني بنهاية يوليو 2021م.
وأوضحت البيانات ارتفاع الائتمان الممنوح للقطاع الخاص بمقدار 9ر1 بالمئة ليبلغ 2ر23 مليار ريال عُماني بنهاية يوليو 2021م، توزَّع على مختلف القطاعات، حيث استحوذ قطاع الشركات غير الماليَّة على ما نسبته 6ر46 بالمئة، يليه قطاع الأفراد (معظمه تحت بند القروض الشخصيَّة) بنسبة 2ر45 بالمئة، أمَّا النسبة المتبقيَة فتوزَّعت على قطاع الشركات الماليَّة بنسبة 8ر4 بالمئة وقطاعات أخرى بنسبة 5ر3 بالمئة.
إنَّ ما شهدته ودائع القطاع الخاص من زيادة بلغت نسبتها 1ر4 بالمئة لتبلغ 1ر17 مليار ريال عُماني بنهاية يوليو الماضي، يؤكِّد السَّعي الحكومي نحْو إقامة قطاع خاصٍّ شريك في التنميَة له دوره التَّنموي المؤثِّر في النُّمو الاقتصادي، حيث تسعى السلطنة إلى إقامة قطاع خاص يمتلك مقوِّمات الصُّمود في العديد من القطاعات. لذا نجد أنَّ إجمالي قاعدة الودائع للقطاع الخاص وُزِّعت على مختلف القطاعات، حيث بلغت حصَّة قطاع الأفراد حوالي 9ر51 بالمئة، ثمَّ قطاعا الشركات غير الماليَّة والشركات الماليَّة بحصة 1ر32 بالمئة و6ر13 بالمئة على التوالي، أمَّا النِّسبة المتبقيَة 4ر2 بالمئة فتوزَّعت على قطاعات أخرى. باختصار فإنَّ الجهود الهادفة لزيادة الائتمان لمختلف القطاعات (الأفراد، الإنشاءات، القطاع الصناعي، القطاع التجاري) يؤثِّر بشكل إيجابي وفعَّال على النُّمو في النَّاتج المحلِّي الحقيقي، ويُعدُّ هذا التأثير مستقرًّا على المدى الطويل.