تؤمن السلطنة ـ حكومةً وشعبًا ـ دائمًا بالتعايش السِّلمي والقِيَم الإنسانية التي تجمع على الوئام بين الشعوب والمجتمعات. فمنذ القِدم والسلطنة تحرص على أن تكون بوابة للسلام، وتبادل وجهات النظر البنَّاءة، وذلك إيمانًا منها بدور هذه السياسة التي لا تحيد عنها، وهذا ما أكَّدته في كلمتها بمنتدى القِيَم الدينية الثامن 2021 الذي انعقد في بولونيا بالجمهورية الإيطالية. فقد شدَّدت السلطنة خلال مشاركتها على اهتمام الحكومة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بالقِيَم الإنسانيَّة المشتركة والدعوة إلى السِّلم والحوار، وتعزيز قِيَم التعايش والوئام بين المجتمعات والدول، مشيرة إلى ما حقَّقته السلطنة خلال سنوات النهضة المباركة من حضور عالمي فاعل في تعزيز السِّلم العالمي، والسَّعي نحو حلِّ المشكلات والصراعات بالحوار والطُّرق الدبلوماسيَّة، ونبذ صُوَر التطرف والعنف والكراهية كافَّة.
إنَّ كلمة السلطنة عكست إيمانها الراسخ لهذه المبادئ الإنسانيَّة المستمدَّة من ديننا الإسلامي الحنيف، حيث ارتكز الوعْي المستنير لدى المواطنين في السلطنة على أُسس راسخة وضعت ركائز ودعائم وبناء مجتمع يُعلي من قِيَم التسامح، وثقافة السِّلم الاجتماعي وقِيَم العدل والمساواة والمواطنة، وقد عملت القيادة السياسيَّة العُمانية الحكيمة دائمًا على تحقيق قِيَم العدل والمساواة وتعميق المواطنة، واحترام الآخر؛ لدرجة جعلت السلطنة من الدول القليلة حول العالم الخالية من آفة الإرهاب البغيض. فثمة آليَّات جنَّبت البلاد وقوع أيِّ عمل من أعمال الإرهاب من خلال سياستها التي تعمل على تشجيع التسامح على الصعيدَيْن المحلِّي والعالمي، وأنَّ المواطنين "يركِّزون على بناء أُمتهم بعيدًا عن الدمار والنزاعات"، وهو وعْي محمود يبرز جهود الحكومة في مكافحة فكر التطرف.
لقد رأت السلطنة منذ عقود أهميَّة تأسيس دعائم الاستقرار الداخلي المبني على قاعدة الاندماج والانصهار الوطني في إطار من التكامل والوحدة، وقد أثبتت الممارسات السياسيَّة للنِّظام القدرة على ذلك من خلال التأكيد على تعميق فكرة المواطنة ومشاركة جميع فئات المجتمع في رحلة البناء، ويتجلَّى رسوخ تلك القِيَم في الذهنيَّة العمانيَّة بتأكيد رؤية "عُمان 2040" على الجوانب الإنسانيَّة والقِيَم الدينيَّة من خلال أهدافها الاستراتيجيَّة وأولويَّاتها الوطنيَّة والتي تتضمَّن أولويَّة المواطنة والهُويَّة والتراث والثقافة الوطنيَّة تعزيز وجود مجتمع رائد عالميًّا في التفاهم والتعايش والسلام، مع اعتزاز المجتمع بهُويَّته ومواطنته وثقافته، ويعمل على المحافظة على تراثه وتوثيقه ونشره عالميًّا. ويأتي هذا التوجُّه بإرادة ساميَة لجلالة السلطان المعظم وتوجيهاته المستمرة في تعزيز جوانب القِيَم الدينيَّة بما يحفظ استقرار المجتمعات وسكينة النفوس، وطمأنينة العلاقة بين الأديان والثقافات.
إنَّ تعزيز القِيَم الدينيَّة والدعوة إلى التضامن العالمي يأتي من أجْل مستقبَل أفضل للأجيال القادمة، لذا حرصت السلطنة على نشر تلك القِيَم محليًّا وعالميًّا من خلال البرامج والمبادرات الهادفة إلى تعزيز ثقافة الحوار والسلام، والعمل ضمن إطار إنساني بأخلاق عالميَّة تحفظ المجتمعات والأفراد من الوقوع في خطاب الكراهيَة وممارسات العنف والتطرف والإرهاب.