طالب بن سيف الضباري:

تعمد بعض المؤسسات الخدمية التي أوكل إليها تقديم خدمة للمجتمع والبحث عن أفضل الطرق وأسهلها وأقصرها وأبسطها ليستفيد منها المواطن بعيدا عن التعقيدات والبيروقراطية، إلى اتخاذ إجراءات أقرب ما يقال عنها إنها بعيدة عن الوضع الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع، وهي قرارات أسهمت في اتساع الفجوة بين المواطن والحكومة الى درجة أن نقده لها زادت حدته وأصبحت رسائله عبر وسائل التواصل الاجتماعي حادة ومباشرة وتتصف بجرأة غير معتادة خاصة عندما تنتهج أسلوب بث مقاطع السخرية المركبة على سبيل المزاح، كل ذلك نتيجة بعض القرارات التي تتخذ اليوم ثم تعطل أو يعاد النظر فيها بعد فترة.

فهل فعلا نفتقد حتى الآن الى قيادات قادرة على ترجمة فكر القائد وفهم ما يحتاج اليه المجتمع ؟ الكل يعلم بأن كلام جلالة السلطان الموجه الى الحكومة صريح وواضح، تسهيل، تبسيط الاجراءات، السرعة في الانجاز وخدمة المواطن بشكل يترجم فيه حرص الحكومة واهتمامها ورعايتها له، الا أن ما حصل ويحصل عكس ذلك، حيث لا نزال نتعامل مع ذلك المسؤول الذي يريد ان يضع كل الصلاحيات في السلة التي يحملها في يده في الوقت الذي يدعي بأنه يعمل من خلال اللامركزية وأن كل مسؤول قطاع في وحدة لديه صلاحية اتخاذ القرارات التي تسهل على المواطن حصوله على الخدمة، الا أن الواقع شيء مختلف وكأن شيئا يمنعه من ذلك، وعلى الجانب الآخر كان المجتمع يتوقع بان التغيير الذي طالب به منذ فترة يكون لصالحه الا انه تفاجأ بأنه كان حلما لم يتحقق ولم يعلم بأنه سيكون المستهدف في تحمل جزءً من ذلك التغيير الذي استهدف دخله بشكل أساسي، رسوم وضرائب وارتفاع في الاسعار وتراجع في بعض الخدمات وسحب البعض منها والتشديد فيها، واجراءات اكثر شدة ومتطلبات لا تنتهي سواء في الجانب المادي أو الوثائق والمستندات المطلوبة، واجراءات معقدة وتأخر لدى البعض في استخدام التقنية وبرامج الخدمة الذكية، بدليل أن بعض الجهات الخدمية خاصة تلك التي يدفع لها المستفيد مبالغ شهرية لايزال عملها فيه بعض القصور، وغير قادرة على التحول الالكتروني والعمل بنظام الحكومة الذكية.

إن بعض القرارات غير المدروسة التي باتت ملحوظة هذه الأيام وآخرها ذلك الذي نص على أن من يريد الدخول إلى السلطنة دفع مبلغ 5 ريالات عن طريق المكتب وريالين ونصف عبر التطبيق أي مشرف، وإن كان تم تداركه والغاؤه أكبر دليل على التردد الاداري أو بمعنى آخر عدم ضبط منظومة التعامل ومراقبتها بين الأجهزة الخدمية والشركات التي تمنح امتياز تقديم الخدمة، لذا لابد أن تراجع المنظومة الادارية الخدمية والوقوف على الأسباب الحقيقية للقرارات المتخذة في كل جهاز أسند اليه الاهتمام بمصالح المجتمع، وأن يعي القائمون عليه واقع المجتمع في كل مرحلة والتدرج في التعامل معه وفقا لكل مرحلة، انطلاقا من أن الجميع ليسوا متساوين في القدرة على الوفاء بمتطلبات كل إجراء أو قرار يصدر.