هيثم العايدي:
بالتزامن مع تصريح معالي الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية والذي انتقد فيه إقدام العديد من الدول على إعطاء جرعة ثالثة من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في ظل عدم توافر التطعيمات في العديد من الدول, جاء تصويت لجنة من كبار الخبراء الطبيين الأميركيين الذين يقدمون المشورة للحكومة برفض مقترح قدمته شركة فايزر ودعمته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لتقديم جرعة معززة لكل من يبلغ من العمر 16 عاما فما فوق.. ليشكل بذلك شبه إجماع عسى أن يكون حاسما لهذا الجدل الذي هدد بتقويض التضامن العالمي لمكافحة فيروس كورونا.
وخلال زيارة أشاد بها بجهود السلطنة في التصدي لفيروس كورونا, عبَّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن أسفه بأن التضامن العالمي الذي تدعو له المنظمة جاء دون المتوقع وبالأخص في ما يخص اللقاحات المضادة للفيروس.
وجاء هذا الأسف من منطلقين أولهما أن الدول المُنتجة والدول ذات الدخل المرتفع عملت على حجز النصيب الأكبر من الجرعات، وفي بعض الأحيان بكميات تفوق احتياجها الفعلي.. الأمر الذي حرم العديد من البلدان من البدء بالتطعيم مثلما حرم العالم من تعاف متزامن وسريع.
أما المنطلق الآخر للأسف الذي عبَّر عنه مدير منظمة الصحة العالمية فهو الخطوة التي أقدمت عليها بعض الدول بإعطاء جرعة ثالثة مُعززة لبعض الفئات العمرية، معتبرا أنه "لا يُمكن أن نقوم بإعطاء جرعة ثالثه معززة لشخص ما في الوقت الذي يُكافح فيه الآخرون من أجل الحصول على الجرعة الأولى". مستشهدا بالأدلة العلمية التي أجمعت على أن أخذ جرعتين من اللقاح يُعد أمرًا كافيًا ويُسهم في تقوية المناعة.
وجاء تصويت لجنة كبار الخبراء الطبيين الأميركيين معززة لهذا الرأي، حيث إن اللجنة قصرت مشورتها على إمكانية إعطاء الجرعة الثالثة لكل شخص يبلغ من العمر 65 عاما فما فوق أو الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بكورونا بأعراض شديدة، وليس لكل من يبلغ من العمر 16 عاما فما فوق مستندين في ذلك إلى تجربة سريرية حول الجرعة المعززة ما يزيد قليلا على 300 شخص، والتي رأت اللجنة أنها صغيرة جدا لتسمح باستخلاص استنتاجات قاطعة حول السلامة.
وصوتت اللجنة بأغلبية 16 صوتا مقابل صوتين ضد منح الجرعة الثالثة موافقة كاملة.
وإذا تمكن العالم من حسم الجدل حول الجرعة الثالثة بإعطاء الأولولية لعدالة توزيع اللقاحات.. فلا بُدَّ أن يتبع ذلك تشكيل جبهة موحدة تعمل على تفعيل تعهدات الدول المنتجة للقاحات بتوفير مليار جرعة، حيث إنه لم يتوفر سوى 15% فقط من هذا الالتزام.
فالتعافي والأرقام المنخفضة التي شهدتها العديد من البلدان لا يزال يهدده إمكانية وجود متحوِّرات أشد خطورة قد تأتي من الدول التي لم تنجز حملات التطعيم.. وربما لا تقي التطعيمات السابقة من هذه المتحوِّرات.