خميس بن حبيب التوبي:
الارتياح الذي يعبِّر عنه أهالي سوريا، وخصوصًا في المناطق التي تشهد تسويات ودخول وحدات من الجيش العربي السوري، كما هو الحال في أحياء مدينة درعا، حيث عبَّر أهالي درعا البلد عن ارتياحهم تنفيذًا لبنود التَّسوية التي توصَّلت إليها الحكومة السوريَّة مع أهالي الحيِّ ووجهائه والمسلَّحين، يعكس المزاج السوري العام الذي ينزع إلى الهدوء والاستقرار، ويرفض مظاهر العنف والإرهاب والتدمير، ويؤيِّد بسط الحكومة السوريَّة سيطرتها على كامل الجغرافيا، ويُمكِّنها في الوقت ذاته من القيام بمسؤوليَّاتها ومهامِّها تجاه أبناء الشعب السوري في كُلِّ المحافظات والمُدن والأرياف السوريَّة.
الثَّابت أنَّ هناك بونًا شاسعًا بَيْن وضع ينعم فيه النَّاس بالاستقرار والهدوء والأمن والطمأنينة، وبَيْن وضع مُلوَّث بالعنف والإرهاب والفوضى لا مكان للُغة الحكمة والعقل والرُّشد، وإنَّما للسلاح والإذلال والرُّعب ونَكَد العيش، وهذا ما يُشاهد اليوم في سوريا وغيرها من الدول التي تشهد أوضاعًا غير مستقرَّة وتدخُّلات خارجيَّة وتآمرًا وعمالة وخيانة، حيث يختلف الوضع في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة عنه في المناطق الخارج عن سيطرتها، كما هو الحال في درعا وإدلب وغيرهما من المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة العصابات الإرهابيَّة المسلَّحة.
من اللافت أنْ تعود درعا إلى واجهة الأحداث، وتُعيد إلى الذاكرة هذا الاسم (درعا) البدايات الأولى لانطلاق شرارة المُخطَّط التَّآمري الإرهابي المُوجَّه ضدَّ سوريا، حيث الأيادي الخبيثة التي حرفت الحراكات الشعبيَّة من طابَعها السِّلمي إلى طابَعها الفوضوي والإرهابي، معلنةً بدء هذا المُخطَّط التَّآمري ليقلب الأوضاع في سوريا رأسًا على عقب.
إنَّ ما تشهده بعض المناطق السوريَّة من عودة لمظاهر العنف والإرهاب والتمرُّد على الدولة السوريَّة بعد فترات من الهدوء وتسويَة الأوضاع مع الجماعات المسلَّحة، يعني أنَّ معشر المتآمرين وأدواتهم والأيادي الخبيثة لا تزال تعمل ليل نهار لتخريب الوضع المستقر في سوريا، وأنَّ هذه الجماعات المسلَّحة إذا لم تكن مرتبطة بالمُتآمرين وعميلة لهم فإنَّها ـ على أقل تقدير ـ تُعدُّ جماعات مخترقة من قِبل مخابرات معشر المتآمرين على سوريا.
عند النَّظر إلى الجغرافيا السوريَّة وأماكن التحركات المسلَّحة ضد الدولة السوريَّة نجد أنَّ بعض الجوار لا يزال هو المُحرِّك والفاعل، وفي المقدِّمة يأتي كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي من أجْله طُبخ المُخطَّط التَّآمري الإرهابي ضد سوريا من أجْل إلحاقها بشقيقاتها من الدول العربيَّة كالعراق وليبيا والتي لها مواقف مُشرِّفة مع القضيَّة الفلسطينيَّة وضد الكيان الإسرائيلي الغاصب، ما يعني أنَّ من يحرِّك الأوضاع والجماعات الإرهابيَّة المسلَّحة هو مَنْ له مصلحة كبرى في عدم استقرار سوريا ودمارها.
ولطالما كانت التسويَة هي الوسيلة المُثلى والأبرز للحكومة السوريَّة في تعاملها مع المناطق التي تشهد تمردًا مسلَّحًا، وذلك حقنًا للدماء وحفاظًا على الاستقرار، فإنَّ نجاح التسويَة اليوم في حي درعا البلد وطفس وغيره يؤكِّد نجاعة هذا التوجُّه، ويُعطي مزيدًا من الأدلة النَّافية لكُلِّ الافتراءات والأكاذيب التي تُسوَّق ضد الحكومة والجيش العربي السوري، وفي الوقت عَيْنه يُسقي الأعداء المتآمرين مزيدًا من كؤوس الفشل والخيبة والهزيمة والانكسار.