أحمد صبري:
في إطار سعيه لاسترداد أمواله المنهوبة، نظَّم العراق مؤتمرا دوليا بمشاركة عدد من وزراء العدل ورؤساء مجالس قضاء وأجهزة رقابية وعدد من ممثلي جمعيات ومنظمات وشخصيات قانونية عربية ودولية بمشاركة جامعة الدول العربية.
وبحث المؤتمر أبرز المعوِّقات والعراقيل التي تواجه الجهات الرقابية في استرداد الأصول والأموال المهربة خارج حدود بلدانها.
وكشف رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عن أن بلاده شكلت لجنة معنيَّة بمكافحة الفساد تمكنت من كشف ملفات بقيت عالقة منذ 17 عاما، مقدرا الأموال العراقية التي هربت للخارج بنحو 350 مليار دولار.
وربط الكثير من المعنيين بين عقد المؤتمر الدولي وقرب موعد الانتخابات، ما يشير إلى جدية الحكومة العراقية في فتح ملفات الفساد والمتهمين بسرقتها.
وفي عيِّنة من هدر المال العام في العراق كشف مركز أبحاث عراقي معني بالأموال العراقية عن هدر نحو 145 مليار دولار على تأهيل وتسليح وتطوير المؤسسة العسكرية العراقية منذ احتلال العراق وحتى الآن.
الغريب في الأمر أن هذه الأموال الضخمة لم تستطع أن تمنع الانهيارات الأمنية، لا سيما بعد سقوط الموصل والرمادي وتكريت، وكذلك لم تمنح العراقيين الأمان والاستقرار.
فبدلا من تعزيز قدرات القوات المسلحة وتنويع سلاحها وتأهيل منتسبيها، هدرت الأموال بصفقات سلاح مشبوهة، كما أن قسما منها ذهب إلى جيبوب اللصوص ومن يوفر الغطاء السياسي لهم. فتلك الأموال سرقت أو ذهبت إلى جيوب اللصوص بفعل الفساد والرشا على مشاريع وهمية أو بفعل صفقات مشبوهة لقوى نافذة وجدت في حال عدم الاستقرار والفوضى التي عمَّت العراق بعد احتلاله مناسبة للسطو على ثروات العراقيين.
إن من دون رقابة صارمة وأيادٍ مخلصة تحمي أموال العراق فإنها ستكون كسابقتها أهدرت وضاعت وذهبت إلى غير مقاصدها، وبالتالي حرمان العراق من الاستفادة من أمواله.
وعلى الرغم من تصاعد الدعوات لملاحقة سرَّاق أموال العراق المهرَّبة إلى الخارج ومن يقف وراء الصفقات الوهمية التي أهدرت مليارات الدولارات، فإن الواقع يشير إلى ضرورة وجود جهد دولي يدعم الحملة الوطنية لاسترداد الأموال المهرَّبة.
إن إشراك المجتمع الدولي بدعم العراق في مسعاه لاسترداد أمواله المنهوبة كفيل بالوصول إلى هذه الأموال، وما يعزز هذه الحملة ينبغي اللجوء إلى مجلس الأمن كرافعة دولية لتعقب الأموال المنهوبة، وحث الدول التي يشك أنها تحتضن هذه الأموال مدعومة بجهد قانوني دولي مدعوم بخبرات بهذا المجال للمساعد على استرداد تلك الأموال.
صحيح أن مهمة استرجاع أموال العراق المنهوبة، والكشف عن المتورطين بها صعبة ومعقدة، إلا أن الشروع بإطلاقها وتعقب آثارها سيعطي آمالا للعراقيين الذين كانوا يتوقعون أنها ستكرَّس لسعادتهم وحل مشاكلهم، وليس إلى جيوب اللصوص الذين أفقروا العراقيين بعدما ذهبت تلك الأموال إلى غير مقاصدها النبيلة.
من هنا تكمن أهمية الحملة الدولية لاسترداد أموال العراق المنهوبة التي ستتقاطع حتما مع من ساعد وتورط في سرقة أموال العراق.