تؤمن السلطنة منذ فجر نهضتها المباركة الحديثة في سبعينيات القرن الماضي بأنَّ التنمية المستدامة هي الضمان الرئيسي والأساسي لحقوق الإنسان بمختلف أنواعها؛ لذا عملت طوال العقود الماضيَة على تحقيق تلك التنميَة، ما كان له أثره وانعكاسه الكبير على حياة المواطن، وكانت التنميَة المستدامة المستمرَّة هي قاطرة بناء الإنسان العماني الحديث، وهي أداة تكوينه ورسم وعْيه، وحرصت منذ انطلاق خططها الخمسية والعديد من الخطط والبرامج على ذلك التوجُّه، وسعت إلى أن يكون الإنسان هو محور نهضتها، ودعمت ـ في سبيل ذلك ـ المشاريع التنموية كافَّة ذات الصلة بتخفيف أعباء الحياة عن المواطن، وتقديم خدمات تنمويَّة متنوِّعة تعليميَّة وصحيَّة، كان لها مردودها الإيجابي على جميع متطلبات حياته وحقوقه التي أقرَّتها الأنظمة الأُمميَّة، بشكل يُضاهي كبريات الدول حول العالم.

ومن هذا المنطلق، فقد أكَّدت السلطنة على أنَّ الحقَّ في التنميَة لبنة أساسيَّة لضمان حقوق الإنسان بمختلف فئاتها، وأنَّ التركيز عليه هو جزءٌ مُهِمٌّ من التزام الدول بالمبادئ الدوليَّة لحقوق الإنسان، وذلك خلال كلمتها التي ألقاها سعادة السفير إدريس بن عبدالرحمن الخنجري المندوب الدائم للسلطنة لدى هيئة الأمم المتحدة في جنيف يوم الجمعة أمام الدورة الـ(48) لمجلس حقوق الإنسان في جنيف في إطار البند الثالث الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص حول الحقِّ بالتنميَة تحت عنوان "العمل المناخي على الصعيد الوطني" عبر الاتصال المرئي.

وحرصت السلطنة خلال هذه المشاركة البنَّاءة على التأكيد على إيمانها بضرورة ضمان مشاركة فاعلة ومستنيرة في إعمال الحقِّ في التنميَة على المستوى الوطني، كما أنها أكَّدت تَمسُّكها بضرورة تدعيم أُسس شراكة بنَّاءة بَيْنَ الدول المتقدِّمة والدول الناميَة، ودمج الدول الناميَة بصفة أكثر فاعليَّة في مجال التجارة العالميَّة وفقًا لما أشار إليه المقرر الخاص في توصياته السابقة، إيمانًا منها بأنَّ هذا الدمج هو الطريق الأساسي لتحقيق الدول لمتطلَّبات التنميَة، وزيادة قدرتها على توفير حقوق الإنسان ومتطلَّباتها الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة. فدمج الدول الناميَة يحقِّق لها فرصة أكبر في مجال حقوق الإنسان، والمشاركة العادلة وتدعيم أُسس الشَّراكة بَيْنَ الدول المتقدِّمة والناميَة هي أداة البناء الرئيسيَّة لمجتمعات تتَّسم بالمرونة الحقوقيَّة اللازمة.

إنَّ جهود البلاد في هذا الملف جليَّة ومُثمَّنة محليًّا ودوليًّا، فقد حرصت الحكومة على اتِّخاذ العديد من التدابير الداعمة للحقِّ في التنميَة على المستوى الوطني عبر صياغة وتنفيذ السياسات والبرامج التنمويَّة ودعم المشاريع التي تؤثِّر إيجابًا على حياة المواطنين وأصحاب المصلحة بشكل مباشر، بالإضافة إلى الاعتناء العماني الجلي بالبيئة واتِّخاذها خطوات وقفزات واسعة لتنفيذ استراتيجيَّة وطنيَّة للتخفيف من التغيُّر المناخي، إيمانًا منها بأنَّ تدهور المناخ عامل تأثير يضرُّ التمتُّع بالحقوق الأساسيَّة للفرد على غرار الحقِّ في الرعايَة الصحيَّة والتعليم والسَّكن والغذاء وغيرها، فالسلطنة ترى أنَّ صون البيئة والحفاظ عليها هو من أوائل الخطوات التي يجب اتِّخاذها لضمان حقوق الإنسان الأساسيَّة.

وتواصلًا مع جهودها في مجال حمايَة البيئة فقد أعلنت السلطنة خلال كلمتها أنَّها بصدد تحديث قانون حمايَة البيئة ومكافحة التلوُّث رقم 114/2001 وهي تعمل على الاستفادة من كُلِّ الخبرات والتوصيات لتواكب الإصلاحات والمفاهيم والتحدِّيات الجديدة، أخذًا في الاعتبار التنميَة الاقتصاديَة الشاملة التي شهدتها السلطنة والتي يُنتظر أن تزداد تطوُّرًا ونموًّا خلال الأعوام القادمة.