النموذج يجسد كوامن الجمال والدقة فـي صناعة السفن العمانية

مسقط ـ «الوطن»:
يعرض المتحف الوطني حاليًا في قاعة التاريخ البحري مجسمًا متحفيًا فائق الدقة لسفينة البغلة البحرية (حوالي 53-1254ه/1838م)، مصنوعًا من خشب الكمثرى، والعاج، والكتان، والقماش، والمعدن، والنحاس الأصفر، ويبلغ مقاس المجسم(1:25)م، واستغرقت صناعة المجسم (4) سنوات.

وتعد (البغلة) أكبر سفينة بحرية تجارية وناقلة في الخليج العربي، وأكثر السفن العربية زخرفة، وكان بها صاريتان أو ثلاث، وتميزت المؤخرة بتصميم معماري يشابه الشرفات الخارجية في السفن الحربية الأوروبية خلال القرنين (12-13هـ/18-19م)، ويرتفع الجزء الخلفي من المقدّمة بلطف حتى الجزء الأمامي المُزين بتصميم يشابه عمود ربط الحبال؛ وهو أيضا جزء تتميز به (البغلة).

و(البغلة) سفينة تجارية في الأساس، إلا أنه يمكن تسليحها واستخدامها في الحروب، ويمثل هذا المجسم بغلة مسلحة من عهد أسطول السلطان السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، سلطان عُمان وزنجبار، وبلغ طولها في الأصل حوالي (40) مترًا، وارتفاعها (45) مترًا، وزوِّدت بمدافع ذات ماسورة تزن (12) رطلًا من نوع (بلومفيلد)، وفي أوائل القرن (13هـ/19م)، كان هذا النوع من المدافع يعد أكثر الأسلحة فاعلية واختراقاً على الإطلاق. الجدير بالذكر أن قاعة التاريخ البحري بالمتحف الوطني توثق علاقة عُمان بالبحر، فمع سواحلها المترامية الأطراف، يبقى التاريخ العُماني تاريخًا بحريًا بإمتياز، إذ أبحر الصيادون لقرون مضت على طول هذه السواحل بحثًا عن لقمة العيش، وارتحل التجار العُمانيون حاملين بضائعهم عبر البحار والمحيطات، منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد. لقد أدى هذا النشاط في خلق ثقافة بحرية لعُمان، فما إن ارتاد العُماني البحر حتى أصبح نابغًا في الملاحة، وكاتبًا لأفضل الأدبيات في علم الملاحة البحرية، وصانعاً لأنواع شتى من المراكب؛ مستخدماً ما توفر بين يديه من مواد، وأدوات.

واليوم تواصل عُمان علاقتها بالبحر؛ متمثلة في أسطولها العصري، وموانئها المزدهرة، وكذلك في إحياء موروثها البحري القديم؛ حتى أصبحت في طليعة دول المنطقة في هذه المضمار، فالسفن والمراكب التقليدية ما هي إلا رمز من رموز علاقة عُمان ببقية العالم.