-استطلعت تجارب كوادر التمريض الذين أصيبوا بـ « كوفيد ـ 19»
- «4831» .. إجمالي عدد المصابين من كادر التمريض والتضميد

استطلاع ـ محمود الزكواني:
■ ■ كانوا وما زالوا هم خط الدفاع الأول، ناذرين أنفسهم لخدمة المجتمع، حيث قدموا له الكثير من التضحيات من أجل إنقاذ أرواح الناس، وتحملوا من أجلهم التعب والضيق والإرهاق والمعاناة الشديدة، كما عاشوا بين المصابين أوقاتا صعبة، والتزموا بمبادئ المهنة وما تحمله من التعب والمعاناة، ورغم التحديات تركوا خلفهم أسرهم وأوضاعهم الأخرى لتأدية الواجب والأمانة .. فهم هؤلاء ملائكة الرحمة (الكادر التمريضي والتضميد)، يعملون ليل نهار منذ أن بدأت الجائحة إلى يومنا هذا. فمنذ بدء الجائحة بلغ إجمالي عدد المصابين (4831) لفئة الكادر التمريض والتضميد، وذلك حتى يوم الأحد الماضي. وقد أجرت (الوطن) لقاء مع عدد من الكادر التمريضي الذين أصيبوا بفيروس كورونا (كوفيد ـ 19).. ولتسليط الضوء فيه عن مدى روح التضحيات؟ وعن أسباب الإصابة؟ وحول المعاناة التي واجهوها أثناء الإصابة مع (كوفيد ـ 19)، وأين كانت الإصابة؟ وهل ما زال لديهم بعض من أعراض الفيروس حتى الآن، وما النصائح والإرشادات من الممكن أن يتم توجيهها إلى المجتمع؟ .. ■ ■

متعاونون ومتماسكون
بداية تقول الممرضة شروق بنت هلال البلوشية ـ التي تعمل في مستشفى خولة منذ ٢٠١٤م ـ عن مدى وروح التضحيات: إنه منذ أن بدأت الجائحة كنا خلية وفريقًا واحدًا، وذلك كلٌّ على حسب اختصاصه ومتعاونين ومتماسكين مع بعضنا البعض وكنا في وسط المعمعة، ونعمل ليل نهار، ومتحملين الجهد والتعب والأرق والمعاناة، للتصدي لمواجهة (كوفيد ـ 19) من أجل علاج وإنقاذ أروح الناس جميعًا.

وعن أسباب إصابتها قالت: أصبت بفيروس (كوفيد ـ ١٩) خلال شهر مارس الماضي لهذا العام من مقر العمل بحكم أنني أعمل في قسم (كوفيد ـ 19) منذ بداية الجائحة، مؤكدة أن الأعراض بدأت عندي بتعرق فجائي وألم بكامل الجسم والشعور بالبرودة، ثم ارتفعت الحرارة إلى (٣٩.٥) في أول يوم وكنت بالمنزل وأخذت الأدوية اللازمة والمتوافرة لدي، أما في اليوم الثاني فقد استمرت معي الحرارة إلى أن ارتفعت إلى (٤٠.٥) مع الشعور بالغثيان المستمر وألم شديد في الجسم، وقد ذهبت مباشرة إلى عيادة خاصة وتم تحويلي إلى مجمع السيب الصحي، حيث أرشدني الدكتور المناوب لعمل فحص (كوفيد ـ ١٩)، وبعد أن عملت الفحص، وظهرت النتيجة إيجابية، لذلك ذهبت إلى المنزل وأخذت الأدوية اللازمة ولكن الحرارة كانت تنخفض لساعات، ثم ترتفع مرة أخرى لتصل (٤٠)، فذهبت مرة أخرى للمجمع الصحي وعملوا لي بعض الفحوصات ووجدوا معي انخفاض بالأكسجين ودقات القلب مرتفعة، ثم تحويلي إلى المستشفى الميداني وتم تنويمي لمدة ٣ أيام وعملوا لي بعض الفحوصات وأشعة للصدر ووجدوا بداية التهاب بالرئة وتم إعطائي كل الأدوية اللازمة، موضحة بأن الأعراض قد انتهت ولا أعاني حاليًّا بأي أعراض للمرض.

خط الدفاع الأول
وقال أحمد بن حامد المقبالي ـ الذي يعمل بقسم العزل الصحي لـ(كوفيد ـ 19) بمستشفى الرستاق ـ حول مدى إسهاماتهم وتضحياتهم مع فيروس كورونا: إنها مهنة خط الدفاع الأول كون أن المهنة تستوجب علينا أن نقدم اللازم من العلاج إلى الدعم والرعاية والاهتمام لجميع المرضى، بالإضافة إلى أن نتصدى لهذه المرض وعدم تركه ينتشر بين أوساط الناس، فكانت علينا المسؤولية كبيرة وعلى عاتقنا جسيمة، فحرصنا أن نؤدي هذه الرسالة بالشكل المطلوب وبأكمل وجه. وعن أسباب إصابته أشار إلى أنه في تاريخ ٣ يونيو ٢٠٢٠ ظهرت لديه أعراض الإصابة بفيروس (كوفيد ـ ١٩)، وبحكم أنه يعمل في قسم “كوفيد ـ 19” بمستشفى الرستاق أدرك لحظتها أنه مصاب بهذا الفيروس، فعزم الأمر لأن يحجر نفسه لمدة ١٢ يومًا في المنزل بداية، ثم توجهه إلى فندق ملينيوم لاحقًا خوفا على نقل الفيروس إلى العائلة، واضطر وقتها الذهاب إلى هناك، فمنذ لحظة ظهور أول عرض وهو الخمول الكلي للجسم وألم بالمفاصل وخصوصا ألم بالظهر تواصل مع أحد الأطباء ليبلغه بالأعراض وأخبره بأن يذهب إلى مجمع الرستاق لعمل فحص ( PCR)، فكان الفحص يأخذ أكثر من ثلاثة أيام، لذا حجر نفسه المنزل وأبلغ أهله باحتمال إصابته بالفيروس حتى انتظار النتيجة، فبدأت معه أعراض الإصابة بالمرض بازدياد مثل: (حمى، تعرق شديد، صعوبة بالحركة، صعوبة بالتنفس، السعال وكذلك الصداع المستمر) وآخرها كان فقدان حاسة الشم والتذوق، ولمدة ٨ أيام توالت الأعراض بالظهور وأحيانًا بالاختفاء كليًّا ثم ترجع للظهور، كما رفع من عزيمته بأن أشغل وقته في الشيء المفيد وألا يستسلم للمرض، وفي هذا الوقت أخذ بعضًا من الأدوية التي أعطوه إياها من المستشفى وهو بندول وكذلك العسل، وقد عانى من صعوبة في الأكل بسبب فقدان حاسة التذوق، ولكن أجبر نفسه ليستعيد صحته وطاقته، واستمرت معاناته مع هذا المرض حتى تاريخ ٢١ يونيو ٢٠٢٠، ثم تلاشى كل شيء كأن شيئًا لم يكن، بعدها واصل العمل في قسم كورونا وإعطاء العلاج المناسب لمرضى “كوفيد19” حتى شهر ١١ من نفس العام.

فترات صعبة جدا
بدرية بنت حمد الرواحية ـ والتي تعمل ممرضة بمستشفى سمائل ـ تقول عن مدى تطبيق الإجراءات الاحترازية أثناء العمل: كنت في العمل حريصة جدًّا باتخاذ الاجراءات الاحترازية وخصوصا عند التعامل مع المرضى المصابين بكورونا، ونحن الطاقم الطبي مررنا بفترات صعبة جدًّا كالمعاناة والتعب والضغط النفسي والجسدي، ولكن بفضل الله تجاوزنا هذه المحنة بتكاتف الطاقم الطبي ولله الحمد.

وحول أسباب الإصابة قالت: كان الوضع تحت السيطرة طيلة الأيام قبل الإصابة، ولكن شاء الله جاءت الإصابة بفيروس كورونا من خارج العمل وذلك بسبب مخالطة شخص مصاب من الأهل، وأظهرت الأعراض ظهرت على زوجي لعدة أيام مثل: الحمى والكحة والزكام.

وعن معاناتها مع المرض أوضحت قائلة: كانت الأعراض متوسطة ولله الحمد، ففي أول يوم كنت أشكو من ألم بسيط في الحلق مع آلام في الجسم كامل ولم يخطر على بالي إنها أعراض كورونا وعندما ذهبت للعمل اضطررت لعمل المسحة (PCR) وظهرت النتيجة إيجابية في اليوم التالي ومع مرور الأيام استمرت معي آلام في الجسم قوية لدرجة أنني لم أقدر أنهض من الفراش طوال اليوم وأيضًا ظهرت عندي حمى بسيطة والصداع كان يلازمني معظم الوقت حتى مع أخذ (البندول) لا يستجيب ولا تنقص حدته، وكذلك فقدت الشهية في الأكل وفقدت الشم والتذوق ما يقارب (٣) أسابيع أو أكثر وكنت أتلقى العلاج في البيت ولم تستدعِ حالتي للبقاء في المستشفى ولله الحمد.

مؤكدة أنها لم يبقَ لديها أعراض جانبية، فبعد تجاوز إصابتها بكورونا لم تلاحظ أي أعراض جانبية حتى الآن وكانت الأمور طبيعية وسليمة. وقدمت بدرية الرواحية عددًا من النصائح إلى جميع الناس فقالت: من هذا التجربة أريد أن أقدم نصيحتي للمجتمع بالاستمرار والمواظبة على اتخاذ الإجراءات الاحترازية كلبس الكمامات والتباعد الجسدي وعدم المصافحة واستخدام المعقمات خصوصا في أماكن العمل وعند التسوق في المراكز التجارية وتجنب الذهاب إلى الأماكن المزدحمة، حيث إنه لاحظنا في الفترة الأخيرة ازدحام المرضى في المراكز والمجمعات الصحية بدون حاجة ضرورية تستدعي ذلك، فنصيحتي لهم بالتقليل من الذهاب للمستشفيات إلا للضرورة القصوى وكذلك أي مريض إذا كان يحتاج من يرافقه للمستشفى فيكفي معه شخص واحد فقط للتقليل من الازدحام وتجنب التقاط العدوى.

وحول تلقي الجميع للتطعيم قالت: أما بخصوص التطعيم فأنصح جميع الفئات المستهدفة للتسارع في أخذ التطعيم وعدم التهاون وذلك للتقليل من خطر الإصابة واكتساب المناعة وإن شاء الله بتكاتف الجميع، سواء الطاقم الطبي أو المجتمع للحد من عدد الإصابات والوفيات في السلطنة وليكن شعارنا جميعًا (عمان بلا وباء).
أما سالم بن سعيد العامري والذي يعمل بالعناية الحرجة (كبار) بالمستشفى السلطاني فقال: تجربتي مع مرض كورونا (كوفيد ـ ١٩) منذ تاريخ ١٥ يونيو ٢٠٢١م، فمنذ أن انتهيت من دوام الظهر من العناية المركز ة (كوفيد19) إلى أن عدت للمنزل كنت أشعر بالتعب والإرهاق ولم اهتم بالموضوع اهتمامًا ظنًّا مني أنه إرهاق ما بعد العمل، إلى أن بدأت أشعر بآلام في المفاصل والإرهاق الشديد والسعال والرغبة المتواصلة في النوم، ولكن لم أكن أتوقع أنها قد تكون أعراض الإصابة بكورونا خصوصا أنني لم أفقد حاسة الشم والتذوق بتاتًا، وكانت الأعراض الأخرى ضئيلة نسبيًّا لدرجة أنني ظننتها مجرد انفلونزا موسمية، وقد توجهت حينها للمركز الصحي وعملت فحص كورونا وعدت إلى المنزل، بعدها تلقيت اتصالًا من قسم مكافحة العدوى، نتيجة فحص كورونا إيجابية، وبعدها بدأت معي شدة الأعراض فهي كانت تتزايد يومًا بعد يوم، فحرصت على أخذ أقراص مسكّنة وحاولت أن أكثر من الفيتامينات، وبقدر الإمكان أتغذى بشكل صحي، وشددت من عزيمتي، بحيث لا أضعف أبدًا لأن التأثير النفسي ينقلب عكسًا على حالتنا الصحية. وأما عن نصائحه للمجتمع فقال العامري: أحب أن أقول إنه لا يجب أن نستهين بهذا المرض ومن الواجب أن نأخذ احتياطاتنا الوقائية ونتجنب الأماكن التي فيها الازدحام ونبعد عن التجمعات، كما نحاول أن نقلل من الزيارات العائلية حفاظًا على صحتنا وصحة أهالينا.