علي بدوان :
الشعار الحالي الذي أطلقه وزير الخارجية "الإسرائيلي" يائير لبيد يقول: "الاقتصاد مقابل الأمن" لقطاع غزة، و"الحفاظ على الأمن والهدوء"، وهو شعار يُشبه شيئًا ما شعار "النفط مقابل الغذاء" وهو الشعار الذي طرحته وعملت عليه الإدارة الأميركية منذ الرئيس جورج بوش الثاني (جورج w بوش)، بعد سنواتٍ طويلة من حصار العراق. حيث ينطلق يائير لبيد في موقفه بقوله إن "الغرض من هذه الخطوة هو تحقيق الاستقرار على جانبي الحدود من النواحي الأمنية والمدنية والاقتصادية والسياسية".
وجاء عرض يائير لبيد لرؤيته إياها في الشعار الذي أطلقه، بالنسبة لقطاع غزة، في خطابٍ ألقاه خلال مؤتمر نظمته "جامعة رايخمن" (مركز هرتسليا متعدد التخصصات) بالتزامن مع ذكرى مرور 16 عامًا على تنفيذ إسرائيل خطة الانفصال، أحادية الجانب، التي تمت بالنسبة للقطاع عام 2005، بما في ذلك إفراغ أربع مستعمرات تقع في شمال الضفة الغربية، مع اعتبار مستعمرات القدس ضمن "إسرائيل" بعد قرار ضم المدينة عام 1967 بعد الحرب مباشرة، وتزكية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لضم القدس عام 2018.
الشعار إياه "الاقتصاد مقابل الأمن للقطاع"، طرحه مؤخرًا وبقوة وزير الخارجية، ورئيس حزب (ييش عتيد ـ يوجد مستقبل) يائير لبيد في ساحة الاستثمار السياسي، وهو رئيس الوزراء القادم بعد انهاء (نفتالي بينيت) رئيس الوزراء الحالي لفترته في رئاسة الحكومة التي تقاسم رئاستها في الائتلاف الحكومي مع يائير لبيد. مُعتبرًا أن شعار "الاقتصاد مقابل الأمن لقطاع غزة"، يُعبّر عن رؤيته المتعلقة بالصراع الفلسطيني ــــ "الإسرائيلي"، ومُشيرًا في الوقت نفسه إلى أن "الظروف السياسية في إسرائيل ولدى الفلسطينيين تمنع التقدم في المحور الدبلوماسي، غير أن تهدئة طويلة الأمد في غزة قد تخلق ظروفًا أكثر ملاءمة للمفاوضات السياسية المستقبلية (التي قد تنطلق) إذا وعندما تكون الظروف مواتية". وهنا وفي هذا السياق، نؤكد أن يائير لبيد ونفتالي بينيت من رافضي "حل الدولتين"، بل ويتصدر نفتالي بينيت الموقف الرافض لحل الدولتين، متجاوبًا في ذلك مع كل أطراف اليمين واليمين المتطرف، التي هو جزء منها بطبيعة الحال..
إذًا، ما هي أبعاد مواقف يائير لبيد الأخيرة بشأن الوضع في القطاع، وطرحه لشعار (الاقتصاد مقابل الأمن)، وهل يمكن لهذا الشعار أن يرى النور على أرض الواقع...؟
أولًا: يعتقد يائير لبيد على أن إعادة احتلال قطاع غزة سيُدخل "إسرائيل" بنفقٍ كبير من جديد، وستغرق "إسرائيل" في القطاع، الذي تمنى القائد التاريخي من بناة دولة الاحتلال إسحق رابين "أن يصحو ذات يوم ويرى البحر وقد ابتلع القطاع".
ثانيًا: يرى يائير لابيد أن إعادة احتلال القطاع، أو بقاء المعارك مُستعرة، وإطلاق الصواريخ الفلسطينية منه نحو مستعمرات الغلاف المحيطة بالقطاع، وحتى داخل عمق 1948، "يتعارض مع المصلحة القومية الإسرائيلية".
ثالثًا: إن جولات القتال حول القطاع بين "الجيش الإسرائيلي" والمقاومة الفلسطينية، تستنزف "الجيش الإسرائيلي"، وتقوّض الشرعية الدولية لــ"إسرائيل" على حد ما نقله (موقع عرب 48 عن مصدر إسرائيلي)، بل وتضعف تماسك "المجتمع الإسرائيلي" الذي بات جزء كبير منه لا يريد الحروب على القطاع نظرًا لنتائجها السلبية عليه.
رابعًا: يعتقد يائير لبيد أن شعاره (الاقتصاد مقبل الأمن للقطاع) يُحرج حركة حماس في القطاع، ويضعها عاجزة عن أي فعل أو تأثير يُذكر لجهة إعادة الحياة لدورة الاقتصاد في القطاع. وبالتالي زيادة معاناة الناس ــــ وهذا من وجهة نظر "إسرائيلية".
خامسًا: يرى يائير لبيد أن شعاره المطروح، يستقطب الناس، من سكان غزة الذين يريدون الحياة، والساعين للحفاظ على الهدوء طالما أن هناك عملية بناء لما دمرته جولات الحرب السابقة، وإعادة إعمار، وإعادة بناء للورش والمصانع...
سادسًا: يعتقد يائير لبيد أن إعادة الإعمار والتأهيل للقطاع جرَّاء ما دمرته جولات الحرب المتتالية، وخصوصًا قصف الطيران "الإسرائيلي"، يُعد تلبية لاحتياجات الحياة الأساسية. وإعادة تأهيل نظام الكهرباء، وتوصيل الغاز، وبناء مرافق تحلية المياه، وتحسين كبير في الخدمات الصحية، وإعادة تأهيل البنية التحتية السكنية والمواصلات.
سابعًا: يؤكد يائير لبيد أن شعاره يُمكن تطويره باتجاه الدفع بمشروع إقامة الجزيرة الاصطناعية قبالة سواحل غزة، مما سيمكّن من بناء ميناء بحري. وبالتالي "تعزيز الاستثمارات الدولية في قطاع غزة والمشاريع الاقتصادية".
أخيرًا: إن شعار وزير الخارجية "الإسرائيلي" ورئيس الوزراء القادم يائير لبيد ليس سوى شعار مستنسخ، منذ حصار العراق قبل حرب الخليج الثالثة، وهو شعار مرفوض فلسطينيًّا ما دام تحت سقف سياسات الاحتلال، وتقديراته وفلسفته للوضع الفلسطيني، وخصوصًا أوضاع قطاع غزة، حيث باتت أعداد مواطنيه تتجاوز مليوني مواطن على مساحة من الأرض لا تزيد عن 366 كيلومترًا مربعًا، ليصبح المنطقة الأكثر كثافة سكانية على وجه المعمورة.