(علي بن أبي طالب)

أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه،فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسج بردي هذا الحضرمي الأخضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم،وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام،فاجتمعوا له وفيهم أبو جهل فقال وهو على بابه إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن وإن لم تفعلوا كان لكم فيه ذبح ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون فيها،وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال نعم أنا الذي أقول ذلك أنت أحدهم
وأخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه وجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين إلى قوله تعالى وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون .
حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب
فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون ها هنا قالوا محمدا قال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفلا ترون ما بكم
فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يطلعون
فيرون عليا على الفراش متسجيا برد رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي عن الفراش فقالوا والله لقد صدقنا الذي كان حدثنا. وهذا موقف من مواقف أهل ألإيمان فعلي كرم الله وجهه يعلم أن قريشا تريد قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ويريدون أن يفرقوا دمه في القبائل ، ورغم ذلك لم يبالي بما قد يصيبه إذا نام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، إنه موقف إيماني يفدي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنه دليل على حب رسول الله ، فلا قيمة للأموال والأرواح في سبيل نجاة رسول الله.

ام محمد الحارثية