من المشاهد العالقة في الذهن من مسلسلات وأفلام الأبيض والأسود المصرية ، مشهد الطبيب الذي يأتي للمنزل حاملاً معه عدته الطبية ويجري الفحوصات الطبية للمريض في غرفة نومه ويخرج ليطمئن العائلة (العيان صحته عال العال يا فندم ..) ، اختفى هذا المشهد من المسلسلات والأفلام المصرية الحديثة واستبدل بالروتين المعتاد في حالات المرض وهو الذهاب للمستشفى ، هل هذا يعني أن خدمة (طبيب المنزل) لم تعد متوافرة في مصر أم أن ذلك المشهد كان يمثل طبقة معينة قادرة على دفع رسوم الطبيب ؟
حضرت إلى مخيلتي هذه المشاهد عندما صادفني موقف شبيه في إحدى الدول الأوروبية قد كان تعرض أحد أفراد العائلة لأزمة صحية مفاجئة ، فعرض علينا موظفو الفندق الاتصال بالطبيب بدلاً من الذهاب للمستشفى وما هي إلا دقائق ووصل الطبيب حاملاً حقيبته الطبية ، من تلك الحقيبة خرج جهاز تخطيط ضربات القلب وجهاز ضغط الدم وغيرها من الأجهزة والمعدات التي يمكن أن تتواجد في غرفة الطوارئ بالإضافة إلى الأدوية اللازمة لعلاج الحالات الطارئة. السؤال الذي تبادر لذهني حينها لماذا لا تتوافر هذه الخدمة في بلدنا بدلاً من الذهاب للمستشفى ؟ بتوفير هذه الخدمة سيخف الزحام على أقسام الطوارئ، كما قد يساعد على التقليل من الحوادث التي قد تنجم من السرعة الزائدة أثناء التوجه للمستشفيات في الحالات الطارئة، كما أنها قد تساعد في تفادي إشكالية توظيف الأطباء أو معاونيهم والتي قد تنتج مستقبلاً ، بالتالي الطبيب يمارس مهنته بتكاليف أقل فهو ليس بحاجة إلى مبنى للمستشفى ولا كادر طبي مساعد كل ما يحتاجه حقيبة طبية تحوي كافة المعدات والأدوات اللازمة ليزاول مهنته، وذلك بعد الحصول على ترخيص (طبيب المنزل) من الجهة المختصة، ومن جانب آخر فإن توفير خدمة (طبيب المنزل) قد تساعد أيضاً بعض مخرجات الطب الذين لا تسمح ظروفهم العائلية للعمل بدوام كامل في المؤسسات الصحية بحيث يمكنهم مزاولة المهنة حسب الطلب ، الكثير من الحلول قد تساعد في حلها توفير هذه الخدمة.
قد يقول قائل ولكن هذه الخدمة تعني بأن رسوم العلاج ستكون أعلى كون الطبيب يأتي للمنزل ؟ وهنا أقول هذا يعتمد على الضوابط التي يمكن أن تضعها وزارة الصحة في هذا الشأن ، وأن أصبحت الرسوم مرتفعة ستستفيد منها فئة معينة في هذه الحالة ولكن ستزيد خيارات العلاج (عيادات ، مستشفيات ، مراكز صحية ، طبيب المنزل). كما نتمنى أن يتم توفير هذه الخدمة لبعض الفئات مجاناً كفئة المعاقين وفئة كبار السن فهم أحق بتوفير هكذا خدمات لهم ، إضافة إلى تعاون الصيدليات وتوفير خدمة توصيل الدواء على مدار الساعة ، وهنا أذكر موقفا تعرضت له احدى المعارف عندما كانت في دولة خليجية وارتفعت درجة حرارة ابنها في وقت متأخر من الليل فلم يكن باستطاعتها الذهاب للمستشفى، فتواصلت مع أقرب صيدلية وما هي إلا دقائق وكان دواء خافض الحرارة معها.
مثل هذه الخدمات البسيطة والضرورية تحل الكثير من الإشكاليات ، كما أنها تساعد في انتشار الاعتماد الذاتي في توفير الخدمة وفق الضوابط والأسسس التي تحددها الجهات المعنية.

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03