د. يوسف بن علي المُلَّا:
بالرغم من كل الآلام التي سببتها جائحة كورونا (كوفيد-19) للكثيرين، وكيف تحوَّل ببطء من إزعاج مؤقت أيضًا للكثيرين إلى طريقة جديدة للحياة. فأولئك الذين عانوا أكثر من غيرهم فكانوا المتفائلين الذين توقعوا دائمًا العودة إلى الحياة الطبيعية، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل مع استمرار الجائحة. وهنالك بعض الأشخاص الذين بذلوا قصارى جهدهم، وكانوا متشائمين تمامًا بشأن العالم الخارجي، مع ذلك أولوا اهتمامًا أقل بتلك الظروف الخارجية وركزوا أكثر على ما يمكنهم فعله للمثابرة.
وربما على ضوء ذلك هناك اعتقاد بأنك تستطيع تحسين الأمور دون تشويه الواقع: ليس بالتفاؤل، ولكن ـ إن صحَّ لي القول ـ بالأمل. ويمكن خلال الفترة الماضية من الجائحة، كان التفاؤل غالبا ليس أفضل طريقة لتحسين رفاهيتك، في حين تظهر بعض الأبحاث أن الأمل هو قوة أكثر فاعلية.
ومع ذلك يميل الناس إلى استخدام الأمل والتفاؤل كمرادفين متطابقين، ولكن هذا ليس دقيقا. فالأمل يركز بشكل مباشر على التحقيق الشخصي لأهداف محددة، في حين يركز التفاؤل بشكل أوسع على الجودة المتوقعة للنتائج المستقبلية بشكل عام. من ناحية أخرى يمكن أن يسير الأمل والتفاؤل معًا، لكن ليس عليهما ذلك. ما أقصده هنا أنه يمكنك أن تكون متفائلًا ميؤوسًا منه وتشعر بالعجز الشخصي ولكنك تفترض أن كل شيء سيصبح على ما يرام. بينما يمكنك أن تكون متشائمًا متفائلًا تقوم بتنبؤات سلبية حول المستقبل ولكن لديك ثقة في أنه يمكنك تحسين الأشياء في حياتك وحياة الآخرين.
لذلك في بعض الأحيان يمكنك أن تتخيل مستقبلًا أفضل، وتشرح بالتفصيل ما الذي يجعله كذلك. ولعلَّك بعدها تبدأ بإقناع نفسك أن هناك أوقاتًا أفضل تنتظرنا، وستكون قد انخرطت في التفاؤل، ولكن ليس الأمل بعد. وحقيقة إن تصور مستقبل أفضل لن يجعله كذلك بمفرده، ولكن يمكن أن يساعد العالم عندما يغير سلوكنا الشخصي من شكوى إلى فعل! وبالتالي، فإن الخطوة التالية هي تخيل نفسك تساعد بطريقة معقولة لتحقيق مستقبل أفضل لك ولمن حولك أو لمجتمعك.
الآن ومن هنا وأنت مسلح بالأمل، يمكنك الانتقال إلى أهم خطوة على الإطلاق وهي العمل. خذ مثلًا رؤيتك للتحسين والطموح المتواضع لتكون جزءًا منها بطريقة محددة وتنفيذها وفقًا لذلك. وتابع أفكارك للمساعدة على مستوى الأشخاص، وربما يمكنك أن توصي بتجربة اثنتين أو ثلاث؛ لأن فكرتك الأولى قد تثبت على الأرجح أنها غير عملية أو غير واقعية.
قد تبدو أفعالك تلك والمحددة وكأنها خطوات في العبث؛ لأنها صغيرة جدًّا. حينها لا تستمع لذلك فهذا صوت اليأس داخل رأسك. ولعلَّي أنادي فيك هنا نفسك برهة وأقول: طريقك الصغير سيغير قلبك وربما يصيب قلوب الآخرين، خصوصًا عندما يرون تأثير ممارسة الأمل والحب عليك.
ختامًا، بالنسبة لبعض الأرواح المحظوظة، يظهر التفاؤل غير مدعو ويصنع عُشًّا، بينما الأمل يتطلب أن نصنع عُشًّا لها، وأن نضع بعض بذور الطيور اللذيذة أيضًا.