أبارك لك حلول عام جديد. دعني أخبرك قصة حقيقية أعيشها بنفسي منذ أحد عشر عاما، يومئذ لم أكن قد حصلت على الدكتوراة، ولم أكن بدأت العمل كمدرب، كما لم أكن قد أصدرت كتبا في التنمية الذاتية. وفي سياق سعيي الدؤوب من أجل تطوير نفسي اكتشفت طريقة طرح الأسئلة بطريقة إيجابية، ثم صرت أواظب على ذلك منذ يوم 4 مارس 2003، عندما حضرت دورة تدريبية في دبي بعنوان دبلوم علم وفن التفوق البشريNLP، منذ اليوم الأول للدورة بدأت أسأل نفسي ما الذي أريد تحقيقه في حياتي؟ أمضيت ثلاثة أيام ذلك البرنامج وأنا أسأل نفسي هذا السؤال: ما الذي أريد تحقيقه بالتحديد؟ ثم كتبت قائمة أهداف صارت تتسع وتشهد اجراء تعديلات كثيرة؛ حتى أثمرت خريطة عقلية أعمل من خلالها وأتخيل وأفكر وأقيم Yنجازاتي على ضوئها. وهي خطة متحركة ومستمرة ونامية ونابضة، تكبر معي، وتنمو وتتحرر من المعوقات والمخاوف بمرور الأيام. لقد أنجزت منها ما يفوق الـ85%. وفي نهاية كل عام أخلو بنفسي وأعمل جردا لإنجازاتي في سياق تحقيق ما حددته لنفسي من أهداف في الخطة الاستراتيجية الشخصية؛ وذلك لكي أقف على العلاقة بين خطة أهدافي ومخرجاتها السنوية، ولتقييم التزامي وتركيزي على ما وضعته لنفسي من أهداف. ثم بدأت توسيع القاعدة بأن أطرح نفس السؤال على طلابي وعلى من يشاركون في الحلقات واللقاءات التدريبية والتحفيزية التي أنفذها. أين أنت الآن؟ وأين ترى نفسك في مثل هذا اليوم من العام القادم؟ إنها خطة متوسطة المدى، تنبع من وضوح استراتيجية شخصية يستطيع الشخص أن يضعها لنفسه لكي يعيش حياته بوضوح ويتفادى المشتتات الذهنية والنفسية التي قد تبدد الطاقة وتبعثر الجهد.
تمضي أعوام وأنا أراقب الأشخاص الذين استطاعوا النهوض بحياتهم وإحداث تغييرات جذرية وتسجيل نتائج مدهشة في مضمار النمو الشخصي والصحي والأسري والروحي والمهني والمالي والاجتماعي. اكتشفت أن جميع الناجحين وتحديدا ممن رصدت النتائج التي حققوها ينطلقون من معرفة واضحة بأهدافهم سواء بطريقة دقيقة أو بشكل عام واجمالي. وقد دفعتهم معرفتهم بما يريدون إلى ايقاظ طاقاتهم الخلاقة كل في مجاله.
من بين الأشخاص الذين تابعت إنجازاتهم؛ شاب استطاع أن يضع نفسه على مسار دراسة برنامج أكاديمي للحصول على درجة ماجستير في إدارة الأعمال MBAمن احدى الجامعات البريطانية المعروفة، عن طريق نظام الدراسة عن بعد؛ وكان يحتاج إلى تعزيز مهاراته في اللغة الإنجليزية، بعد أن حدد لنفسه ستة شهور لاجتياز اختبار يؤهله للالتحاق بالبرنامج. كان البرنامج يتطلب منه دراسة ما لا يقل عن ثلاثين ساعة أسبوعية على الأقل، وكتابة مشروع مكون من 500 كلمة أسبوعيا، وتقديم اختبار مكتوب شهريا. لقد أعاد هذا الهدف ضبط حياة هذا الدارس. أعاد تصميم نظام حياته وأصبح يركز كثيرا على استثمار وقته وجهده وطاقته. حرص على توظيف جميع مصادر المعرفة التي لديه، وبدأ يرتاد الجامعات والكليات، وصار يبني علاقات علمية مع أساتذة إدارة الأعمال في محيط عمله ومن خلال الإنترنت، ومع زملاء له حول العالم، تطور وعيه إلى مستوى يمكنه من ملاحظة الحركة الاقتصادية والمالية في البلد وفي العالم من حوله، وتحرك في داخله اهتمام وفضول معرفي لم يكن لينشط لولا تحديده لأهدافه، وارتفع تبعا لذلك معدل قراءته باللغة الإنجليزية، وتحسنت كتابته من خلال الممارسة والصح والخطأ. أعاد برمجة عقله من حيث لا يشعر فصار يعمل وفقا للأهداف التي حددها لنفسه. تكللت حصيلة هذا التغيير بأن استطاع أن ينتقل إلى وظيفة أعلى في شركة أخرى، ورفع معدل دخله الشهري إلى الضعف عما كان عليه. وانطلق في مسار مهني انعكس على طريقة تفكيره وأسلوب حياته وطريقة عمله، وامتد التغيير إلى الأشخاص الذين يتواصل معهم والأماكن التي يرتادها. خلال عام واحد، لم يتغير المكان، وخلال عام واحد فقط ومن حيث لم يلتفت الآخرون تمكن هذا الشاب من أحداث تغيير جذري في حياته.
اجعل عامك المقبل عاما للإنجاز الشخصي. ابدأ منذ هذه اللحظة في كتابة أهدافك وابحث عن أشخاص ناجحين وحاك خطواتهم واستبدل التفكير السلبي بالتفكير الإيجابي وامتنع عن التبرير واحذر لوم الآخرين وتحمل المسؤولية عن حياتك، وعش بالأمل ودرب نفسك على التفكير في أهدافك فقط. كن قريبا جدا من الله سبحانه وتعالى من خلال المواظبة على تأدية فروضك والذكر والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وركز فقط على أهدافك. حاول قدر المستطاع أن تتحكم في تفكيرك بحيث تجعل بؤرة اهتمامك فقط ما تسعى من أجل تحقيقه، وخلال مشوار العمل والمثابرة انتهز الفرصة كل يوم لكي تمارس الاسترخاء وتخيل أهدافك والتحم بها. وراقب ماذا سيحدث؟!

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مكتب النجاح للتنمية البشرية