أضحت السلطنة تمتلك خبرة واسعة وكبيرة للتعامل مع الأنواء المناخيَّة الاستثنائيَّة، كما أنَّها تمتلك منظومة إنذار مبكر تسبق الأنواء المناخيَّة وترصد تحركها بدقَّة عالية تتيح للمسؤولين سرعة التحرك في حالة الخطورة القصوى. فمنذ الإعلان عن تكوُّن الحالة المدارية "شاهين" سارعت الجهات المسؤولة، ومنسقو قطاعات اللجنة الوطنيَّة لإدارة الحالات الطارئة للاجتماع بهدف استعراض استعدادات القطاعات وجاهزيَّتها للتعامل مع الحالة المداريَّة، ووضع التصوُّرات والخطط بناءً على ما تمَّ رصده والاحتمالات المتوقَّعة للحالة المدارية والمناطق المُتأثِّرة بها وحالة الموج، ثمَّ باشرت بتفعيل خطط اللجنة الوطنيَّة واللجان الفرعيَّة والقطاعات والجهات المعنيَّة في المحافظات المتوقَّع تأثُّرها بالحالة المداريَّة، ووجهت باتِّخاذ ما يلزم في سبيل رفع جاهزيَّتها وتعزيز مواردها وإمكاناتها؛ للتعامل مع تأثيرات الحالة المرتقبة والحدِّ من أضرارها.

ومع أهميَّة دور الجهات المعنيَّة، يأتي دور المواطن والمقيم في التعامل الحريص مع تلك الحالات، وذلك عبر الاستماع الجيِّد وتنفيذ التعليمات التي تصدرها الجهات المختصَّة، وعدم الانسياق وراء الإشاعات المغرضة، والتأكد من استقاء المعلومات عبر البيانات الدوريَّة التي تصدرها الجهات المختصَّة، بالإضافة إلى اتِّباع الإرشادات والتعليمات الصادرة عنها، واتِّخاذ سبل الحيطة والحذر وكُلِّ ما من شأنه حمايَة الأرواح والممتلكات، وضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وعدم المجازفة بعبور الأوديَة، والابتعاد عن الأماكن المنخفضة، وعدم ارتياد البحر خلال هذه الفترة، إلى جانب الالتزام بالسَّكن وعدم الخروج إلَّا للضرورة القصوى، والحرص على امتلاك أدوات الإسعافات الأوَّليَّة، وجعل السيارات الخاصَّة جاهزة للانطلاق في حالة طلبت الجهات المختصَّة من المواطنين إخلاء هذا الجزء أو ذاك، فسلامة الإنسان تُعدُّ من أولويَّات الجميع ـ حكومة ومواطنين ـ في ظلِّ تلك الحالات الاستثنائيَّة.

لقد عوَّدتنا السوابق قدرة أبناء هذا الوطن العزيز ووعيهم في التعامل مع مثل هذه الظروف الطارئة والاستثنائيَّة، خصوصًا العمل وفق منظومة جيِّدة التخطيط تسعى كُلٌّ منها أوَّلًا لاستعراض المستجدات أوَّلًا بأوَّل، وإعلام سكَّان السلطنة بها بدءًا بحركة الحالة المداريَّة وقوَّتها بصورة فوريَّة، إيمانًا منها بحقِّ المواطن في التعرف بصدق وشفافية على الوضع القائم ومدى خطورته، وتحديد الأماكن التي ستطولها الحالة بدقَّة، تسبق حركة الحالة المداريَّة ما يجعل الخطوات دائمًا سابقة للأخطار المحدقة، هنا يأتي الدور المهم والرئيسي للإعلام بأنواعه كافَّة؛ المسموعة والمرئيَّة والمقروءة، وفي أي وسيلة إعلامية تقليدية كانت أم حديثة، في نقل الصورة كما هي دون تهوين أو تهويل، والحرص على استقاء المعلومة من مصادرها، فالحالة مهما كانت شدَّتها نستطيع تجاوزها بالمعلومة الصادقة الأمينة التي تتَّسم بالمصداقيَّة المُطلَقة، والتعرف على مدار الساعة على التطوُّرات.

فعلى المواطن أنْ يدرك أنَّ سلامته هي غاية الجهود التي تبذلها الجهات المختصَّة، فقد استبقت الحالة بوضع خطَّة عمل شاملة تتضمَّن العديد من الإجراءات، منها تشكيل فرق مناوبة تغطِّي أسواق المحافظات على فترتَيْنِ صباحيَّة ومسائيَّة، وفريق لتلقِّي بلاغات المستهلكين ومتابعتها والتواصل مع أصحاب المؤسَّسات التجاريَّة المختلفة لضمان توافر السلع الأساسيَّة وعدم الاستغلال السلبي من قِبل بعض المزوِّدين، وتراقب هيئة حمايَة المستهلك مختلف المؤسَّسات التجاريَّة والمزوِّدين بمختلف محافظات السلطنة لعدم استغلال الحالة المداريَّة برفع الأسعار استغلالًا لحاجة النَّاس، مع وجود تنسيق مباشر مع اللجان الفرعيَّة للدفاع المدني وباقي المؤسَّسات لمتابعة مستجدات الحالة المداريَّة وما يتطلَّبه الأمر من تدخُّل عاجل.

إنَّ الإعلان تعمُّق العاصفة المدارية (شاهين) في ‫بحر العرب‬ إلى إعصار مداري من الدرجة الأولى واقترابها من سواحل السلطنة، يؤكِّد مدى جديَّة الوضع، لذا علينا جميعًا القيام بدورنا والتحلِّي بالوعي المطلوب في التعامل مع الحالة، والدعاء بأنْ تكون خيرًا لعُماننا الحبيبة، والتضرُّع للمولى عزَّ وجلَّ بأنْ يعطينا خيرها ويكفينا شرَّها، والاستجابة للتعليمات وعدم المخاطرة هي طوق النجاة، وهي الطريق الآمن لتخطِّي هذه الحالة المداريَّة، وقد اعتدنا بأنَّ أبناء عُمان يتلاحمون في مثل هذه المواقف، ويعملون يدًا بِيَدٍ مع الجهات المختصَّة من أجْل حمايَة عُمان وأبنائها والمُقيمين على أرضها، اللهم احفظ عُمان، اللهم احفظ عُمان، اللهم احفظ عُمان.‬