الجزائر ـ العُمانية: تزامنًا مع صدور الطبعة الرابعة من روايته “العثمانية” (دار ومضة، 2021)، أعاد الروائيُّ الجزائريُّ الطيب صيّاد، تفعيل الفضاء الافتراضي الذي أطلقه قبل ثلاث سنوات، وهو “جزائريون من أجل الثقافات”، واستضاف في عدده الجديد الناقد والروائيّ د.سعيد بوطاجين للحديث عن الرواية والثقافة.
وبهذه المناسبة، يقول الطيب صيّاد لوكالة الأنباء العُمانية، إنّ نجاح “العثمانية” لا يعدُّ نجاحًا مطلقًا، وإنّما هو نجاحٌ نسبيٌّ إذا نظرنا إلى عدد من المتغيّرات، أبرزُها صدور الطبعة الرابعة في 2021، بعد أول طبعة صدرت في 2017، وفي كلّ طبعة 500 نسخة أو ألف فقط، وهذا يدلُّ على ضعف المقروئية إذا ما قورنت بعدد سكان الجزائر الذي يتجاوز 40 مليونًا. ويضيف بأنّ الكاتب لا يُلام في ذلك لأسباب عدة، أهمُّها تقصير دُور النشر في تقديم الكتّاب إلى القارئ، وعدم قيام الإعلام الثقافي بدوره، وقلة المعارض، والعزوف عن استعمال الوسائط الرقمية في الترويج للكتاب. ويؤكد صيّاد أنّ روايته “العثمانية” جاءت نتيجة بحث في تخصُّصه الأكاديمي في اللُّغة العربية والحضارة الإسلامية الذي يتضمّن التراث العربي الإسلامي بكلّ إشكالياته، خاصّة تلك التي تتعلّق بجوانب الاهتمام به، وإعادة نشره، ومواقف المثقفين منه، وكيف ننهل منه، وكيف نُعيد له مكانته. وبما أنّ التراث العربي الإسلامي يتمثّل أساسًا في المخطوطات؛ وهي الكتب التي دُوّنت في زمنٍ ما بخط اليد، قبل ظهور الطباعة، ونُسخت منها عشرات الألوف من النسخ، فقد انشغل صاحب “العثمانية” بهذا الموضوع لأسباب أبرزُها سرقة المخطوطات، والتلاعب بها، بيعًا وشراءً، بأسعار خياليّة، والتقصير في تحقيق المخطوطات الموجودة في المكتبات الخاصة ومكتبات الزوايا، وهذا ما دفعه إلى التفكير في كتابة رواية في هذا الموضوع، لتكون “العثمانية” المحطة الأولى لتنوير القرّاء حول المخطوطات. ويجمع هذا العمل السرديُّ عددًا من الشخصيات الروائيّة التي تحاول البحث عن مخطوطة أندلسية قديمة جدًا ضاعت منذ قرون، وهي كتابُ بقي بن مخلد الأندلسي الذي كان آخر من رآه هو المؤرّخ شمس الدين الذهبي (673هـ-748هـ). ويُشير الكاتب إلى أنّ عنوان “العثمانية” لا يحمل معنى واضحًا ووحيدًا، وهو يحتوي على مستويات عدة، ويشتمل على معانٍ متنوّعة، أحدها أنّ بطلة الرواية تنحدر من أصول عثمانية، وإنْ كانت جزائرية، كذلك فإنّ الرواية تتناول إحدى مراحل تاريخ الجزائر المتعلّقة بالعهد العثماني، وإنْ كانت لا تعالج المستوى التاريخي تمامًا؛ لأنّ الموضوع يتعلّق بمفهوم حضاريٍّ ثقافيٍّ، وهو الكتبُ التراثية.
وعن إشكالية النقد في الجزائر، يقول صيّاد: “إذا كانت الكتابة تجري فالنقد يمشي؛ بمعنى أنّ وتيرة الكتابة لا ينبغي أن تكون بمستوى النقد، وإذا كنّا نكتب عشر روايات فالنقد سيأتي على واحدة منها فقط أو اثنتين، وهذا ما جعلنا نعيش فوضى كتابية، في النشر وحتى في النقد، الأمر الذي أدّى إلى أن يكون نجاح أيّ عمل أدبيّ خاضعًا لضربات الحظ، خاصة إذا تعلّق الأمر بالكتّاب الشباب”.