أحمد بن سعيد الجرداني:
قبل سنوات تعرَّضت السلطنة لعدَّة أعاصير مختلفة القوة، بل وقبل أشهر أيضًا من هذا العام تعرَّضت لمنخفض (الحج) حتى جاء الإعصار (شاهين).وعلى الرغم من هذه الأحداث المناخية التي تمر على هذه الأرض الطيبة المعطاء والإنسان العماني يضرب المثل الأعلى والأسمى في الملحمة والتعاون الوطني، وهذه الأفعال ليست وليدة العصر، بل تربَّى عليها منذ الأزل، وهو مبدأ عظيم يدل على مدى إنسانية هذا المواطن.
فقد ارتكز المواطن العماني على أسمى الأسس الحميدة التي استمدها من الدين الحنيف الذي هو عماد الأمة الإسلامية حتى عرفه العالم بأنه مُحِبٌّ ومحبوبٌ وأهْلٌ للعمل الإنساني والتعاون والترابط في الأزمات.
فهذه المِحن والأزمات، التي ينبهنا الله بها بين الفترة والأخرى، ما هي إلا دروس تزيد الإنسان العماني إيمانا بالله تعالى، معلنًا أن هذه الأحداث هي من عند الله تعالى، فعليه أن يرضى ويصبر، وأن يتعلم من ذلك الخروج منها وتصحيح الأوضاع لما هو أفضل، تحسبًا لأي أنواء أخرى، لأن بعد المِحن تولد المِنح.
والسؤال منذ خمسين عامًا من عمر هذه النهضة الحديثة التي أسَّسها المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله تعالى ـ وأحداث
(الأنواء المناخية) تتكرر بين الفينة والأخرى، وأغلب المخططات بالقرب من مجاري الأودية أو بها، وهذا يسبب عبئًا على ميزانية الدولة والأجهزة الأمنية: لماذا حتى الآن لم تُبنَ مخططات بعيدة عن الأودية؟! وماذا بعد (شاهين)؟ هل ستكون هناك دراسة جادة في حماية هذه المدن والقرى من الأنواء المناخية القادمة ـ لا قدّر الله؟.
وأعود على ما بدأته سابقًا، فقد أمر حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بتشكيل لجنة وزارية لتقييم الأضرار التي تعرضت لها منازل المواطنين وممتلكاتهم المختلفة في المحافظات التي تأثرت مباشرة بمركز الحالة المدارية..
وهذه خطوة عظيمة لعلها تكون بداية لتصحيح الأوضاع الآن وفي المستقبل، وأن يُعطى الوادي حقه في السير، لأن ما حدث اليوم يمكن أن يحدث ولو بعد مائة عام، ويجب أن تكون هناك خطة يشارك فيها المواطن مع الجهات المعنية في هندسة المشاريع وبناء المدن واستحداث المخططات حتى تكون لدينا بنية أساسية
قوية وصامدة أمام التغيرات المناخية.
وفي الختام أقول: علينا أن نتعلم الدرس، وألّا نكرر الخطأ، وأن نعلن للعالم أن العماني قادر على تصحيح المسار والتكيف، والخروج ـ بقدرة الله ـ من هذه الأزمات وذلك بالتعاون والترابط مع الجهات المعنية.
كاتب عماني