عندما نتأمل مشهدنا العربي بصفة عامة، ومشهدنا العماني بصفة خاصة نرى هناك أشخاصا يصارعون ويقاتلون من أجل التشبث بالمناصب الإدارية في مختلف المجالس والمؤسسات الحكومية والخاصة والتطوعية أطول فترة بقاء ممكنة ، مستخدمين جل الوسائل والإمكانيات حتى لا يقتنص أحد عنهم الكرسي لا من قريب ولا من بعيد بمؤسساتهم الحكومية والخاصة والتطوعية ، مسخرين جل إمكانياتهم وطاقاتهم من خلال سرد الحكايات والروايات والقصص في تغيير ملامح الحقائق العملية للمشهد الواقعي في مؤسساتهم بشتى الطرق بالمكالمات الهاتفية والإيميلات المتنوعة خلف الجدران والزيارات المتبادلة بلغة المصالح المشتركة في الولائم والعزائم من أجل التمسك بالمنصب أطول فترة ممكنة وتجاهل العقليات الكبيرة بتلك المؤسسات لكونها قد تشكل عقبه أمامهم في تهميشهم وتجاهلهم لهم ، لكون الكرسي بالنسبة لهم هو الحياة بكافة تفاصيلها الدقيقة من خلال نظرتهم الضيقة للحياة بأنه ليس لها أهمية إلا من خلال التمسك بالمنصب من أجل إشباع الرغبات الداخلية المكنونة في الأعماق في طموحه اللاهث خلف الكرسي لكون فقط بالكرسي يرى نفسه ويشعر بالانتفاخ الزائد وتورم الذات ، والأشد مرارة من ذلك قد يعتبر البعض المنصب الإداري إرثا تاريخيا يبيع كل شيء من أجله حتى لا يفرط فيه ، وكذلك في منظور آخر مؤسف هناك أشخاص بمختلف المؤسسات الحكومية بمجرد الوصول إلى الكرسي ، تتغير كافة تفاصيل حياتهم ، فيعيشوا في عزلة التورم والانتفاخ الذاتي بعيدا عن الناس ، ويضعوا الحواجز والمسافات والأسلاك الشائكة حتى لا يصل لهم أحد من خلال عدسة الفخامة الذاتية ، وكان من الأفضل له أن يسعى إلى تغيير المكان الذي وصل له بالإبداع والابتكار في بذل الجهود لتحقيق المزيد من الأهداف غير المألوفة سابقا بالمكان الذي وصل له من خلال الاحتكاك بأكبر عدد ممكن من شرائح الوطن المختلفة ، وقد قيل قديما لأحد العلماء: "ما بالنا نرى فلانا قد تغير لما ولى الإمارة ؟ فقال هذا العالم : إن الإنسان إذا ولى أمرا أكبر منه تغير له ، فإن التغيير حتمي أما أن يتغير الشخص ليتناسب مع المكان الذي تولاه ، إذا كان هذا المكان أكبر منه ومن قدراته وإمكانياته فيتغير الشخص سلوكيا بدون أن يتغير المكان ، وقد يتغير المكان لأن صاحبه الذي تولاه يملك قدرات عظيمة وإمكانيات هائلة تتفجر في المكان فيكبر المكان بصاحبه الكبير ذي الإمكانيات العالية والقدرات والطاقات الكبيرة ، فالمحك إذن في القدرات والإمكانيات والمؤهلات من أجل تغيير المكان .

حمد بن سعيد الصواعي
[email protected]