سعيد بن علي الغافري:
لا يخفى على اثنين ما خلّفه الاعصار المداري (شاهين) وما قبله من أعاصير اجتاحت بحر العرب وأثرت على جغرافية السلطنة وبنيتها الأساسية وخاصة الشوارع والطرق والمباني وما ألحقته السيول وجريان الأودية والشعاب على قرى ولايات محافظتي جنوب وشمال الباطنة من أضرار جسيمة وكبيرة.
وهنا يجب على الجهات المعنية من إعادة عملية تقييم ودراسة جيولوجية طبيعة تضاريس المحافظات والمواقع السكانية والزراعية..
وغيرها من الحواضر وذلك بطريقة هندسية وتخطيطية فنية لدرء مخاطر مثل هذه الفيضانات مستقبلًا، فبلادنا مترامية الأطراف وتتميز بسلاسل جبلية وهضبة سهلية وأودية كبيرة.
ولنضرب من ذلك مثلًا الحارات والأماكن المرتفعة التي كان يقطنها الآباء والاجداد والتي تمنع من وصول مياه الاودية والشعاب اليها على سبيل المثال حارة السليف وحارة الرمل وحارات بلدات مقنيات وسدادب والبليدة وبلاد الشهوم ومجزي والهيال..
وغيرها من القرى بولاية عبري، كما نجد مزارعهم أيضًا في مواقع مرتفعة عن سطح الارض لحمايتها من الانجراف ومع تطور أنماط الحياة الاجتماعية والتوسع السكاني على مدى السنوات الماضية والمخططات السكانية الحديثة نجد في الجانب الآخر إقامة مشاريع بيوت سكانية وتجارية وصناعية بالقرب من مجاري هذه الاودية والشعاب والتعدي على احراماتها بإقامة الحوائط الجدارية والعزب العشوائية وتضييق الخناق على مجاريها، وهذا عامل له أثره السلبي على مساراتها.
كما إنّ التخطيط الهندسي السليم في عملية البناء له دوره من حيث ارتفاع قطر أساسياته ومعالجة الاراضي الزراعية والتي كانت تستخدم في السابق للزراعة من قبل الآباء والأجداد بتحويلها لغرض اقامة الوحدات السكنية حتى لا تتعرض المباني لهبوط قاعدتها الارضية أو التشققات في جوانب أعمدة وجدران المنازل وهذه الظاهرة حدثت مع العديد من الاهالي الذين شرعوا ببناء هذه الأراضي.
وهنا الحديث يقودنا أيضًا في عملية تنفيذ مشاريع الطرق الفرعية والرئيسية التي تربط قرى الولايات من الاخذ بالاعتبار لمسار الاودية والشعاب بعمل معابر تصريف واسعة وزيادة رقعة مساحتها حسب جغرافية المنطقة، كما إنّ اقامة مشاريع سدود في كبريات الأودية وتجميع مياهها أمر حتمي وهام لحماية الاراضي الزراعية والمخططات السكانية والمحافظة على ديمومة الثروة المائية من هدرها في السيوح والكثبان الرملية، كما أنّ مشاريع الحوائط المائية على المزارع الواقعة على مجاري الاودية يسهم بمردوده على اقتصاديات الثروة الزراعية وحمايتها من الانجراف.
فالسلطنة مع تجربتها وإدارتها لمثل هذه الانواء المناخية اكتسبت العديد من المعطيات والخبرات والتي جعلتها تتعامل بخطط سليمة ومنهجية حكيمة، وقد آن الأوان بأن يتم انشاء هيئة مستقلة للمساحة والاشغال يناط اليها أعمال التخطيط المساحي والفني والاشراف على المشاريع الاساسية من طرق وهندسة بناء..
وغيرها.
وختامًا ندعو الله عزوجل أن يجنب بلادنا شرور الأعاصير ويحفظها من كل مكروه ويكتب لها ولأبنائها الخير العميم باطنه وظاهره.

مسؤول مكتب (الوطن) بعبري