أ.د. محمد الدعمي:
لا يمكن أن يوحي اسم "أميركا"، حال النطق به، إلا بمجموعة "أيقونات"، وهي أشبه بـ"لازمات" تتواشج مع اسم الولايات المتحدة الأميركية طوال عصر تفوقها.
هذه الأيقونات، بمجموعها، هي التي تشكل ما يطلق عليه وصف "الحلم الأميركي"، وهو الحلم الذي طالما يبقى سرابًا يطارده الإنسان قبل وبعد الاستقرار في أميركا (إن كان مهاجرًا). من هذه الأيقونات للمرء أن يذكر: "رعاة البقر" و"ناطحات السحاب" و"هوليوود" ورحلات استكشاف الفضاء (المركبات الفضائية)، ناهيك عن مدن الملاهي المعروفة بــ"ديزني لاند".
والأخيرة، أي "ديزني لاند" هي مدينة ملاهي تكتظ بالشخصيات الخرافية والكارتونية (من أفلام الكارتون، الرسوم المتحركة) إذ تحتضنها عوالم الخيال والحكايات الأسطورية التي تأسر خيالات الإنسان مذ يشب حتى يشيب، متلاعبة بخيالاته أولًا، وبحنينه للطفولة وللماضي فيما بعد، وهو الحنين الذي لا يمكن لأحد الإفلات منه. يذهب المهاجرون السائحون عامة إلى الولايات المتحدة الأميركية وهم معبأون بخيالاته وخرافات هي من صنيعة رجل خارق الذكاء، اسمه "والت ديزني"، وهو الشخص الذي اكتشف جماليات عالم الأطفال منذ سن مبكرة، ثم قام بتحويل أحلام الطفولة لهذا العالم نصف الخيالي ونصف الواقعي، أي إلى مدينة أحلام خاصة بالطفولة وبخيالياتها، وهي "مدينة الملاهي" التي يتمنى كل أطفال العالم (من 8 إلى 80 سنة) زيارتها والاستمتاع بما تتيحه من مغازلة للخيال ومداعبة للذكريات الطفولية، مع إشارة خاصة لشخصيات الرسوم المتحركة (التي ابتدعها ديزني كذلك) الأكثر شهرة في العالم، من نوع "بيتربان" و"ميكي ماوس"، و"ليلى والذئب"، والقراصنة، و"علاء الدين" وسواها من هذه الشخصيات التي تبقى تطارد الإنسان منذ الطفولة حتى الكهولة.
وإذا ما قفزت ملاهي "ديزني لاند" إلى صدارة الأيقونات الأميركية من آن لآخر، فإن الفضل بذلك لا يعود إلى مؤسسها الأول فقط، وإنما يعود كذلك إلى تلك الجيوش من الحالمين والمتعلقين بعالم الطفولة؛ أي هؤلاء المبدعون الذين ما لبثوا إغناء ملاهي "ديزني لاند" بالإضافة عليها وتجديدها وابتكار المزيد من المواد والشواخص التي تداعب خيال الطفولة وتسترد جماليات أعوامها الفصيرة جمالياته لدى كبار السن من هؤلاء الذين يحنون إلى الماضي بما يكتظ به من شخصيات مخيفة وشواخص أسطورية متنوعة: فإذا أنت أردت الارتجاع إلى عالم الطفولة، فما عليك إلا أن تذهب تطير إلى ملاهي "ديزني لاند"، فهي الوحيدة التي تضمن للمرء رحلة "بماكينة الزمن" إلى وراء سنين وعقودًا، بل وحتى قرون!