بكلية العلوم الشرعية بالخوير
ناصر العزري:تولى الله أمرَ محمدٍ منذ أول ما حظي الوجود بإشراق طلعته،فنشأه تنشئة جمع له فيها خصائص الفطرة الإنسانية في أعلى مراتبها وأرفع درجاتها

تغطية ـ علي بن صالح السليمي: تصوير ـ سالم الرميضي :
احتفلت السلطنة ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مساء امس على مسرح كلية العلوم الشرعية بالخوير بذكرى المولد النبوي الشريف ـ على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
رعى الحفل سعادة الشيخ خالد بن هلال المعولي رئيس مجلس الشورى بحضور عدد من المسئولين والمشايخ وجمع من الحضور والمهتمين في هذا الجانب.
تضمن الحفل العديد من الفقرات التي توضح وتشرح أهمية هذه المناسبة العطرة في التاريخ الإسلامي وأثرها في تغيير نمط العيش السائد في العالم الى ما فيه خير البشرية جمعاء وتذكير الأجيال بعظم هذه المناسبة وأثرها في النفوس.
اشتمل برنامج الحفل بعد تلاوة ايات من القرآن الكريم على كلمة الشيخ ناصر بن يوسف بن ناصر العزري المكلف بالمديرية العامة للوعظ والإرشاد قال فيها: ما أعظم المناسبات في قلب المسلم وهو يتفيأ ظلال دينه ويرفل في ثوب إيمانه ويتحلى بحلية الآداب والأخلاق يفرح بفضل الله وبرحمته، "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ"، وأعظم هذه الرحمات هي إرسال رسول الهدى والرحمة محمد (صلى الله عليه وسلم)، ذلك اليوم الذي ولدت فيه أمة بأكملها، لذلك شُرع فيه الصيام فهو اليوم الذي اختار (صلى الله عليه وسلم) صيامه عندما سئل عن صيام يوم الاثنين فقال: "ذلك يوم ولدت فيه" ومن حسن الطالع المحمود الذي دأبت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ترجمته في هذه الجو الإيماني في جزء من نشاطاتها المتعددة أن تشارك المسلمين في مناسباتهم المختلفة لتجدد بكم اللقاء أيها الأحبة في هذه المناسبة العطرة ذكرى ميلاد خير البشرية جمعاء سيدنا محمد بن عبد الله (صلوات الله وسلامه عليه).
مضيفاً بقوله : قد جرت سنة الله في رسالاته الإلهية أن يُعد من يصطفيه لها في خلائقه، وجوهر إنسانيته، وخصائص رجوليته، إعداداً خاصاً، يوائم بينه وبين ما انتدب إليه حتى يستطيع القيام بما حمل، ويؤدي ما كلف كما أشار بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: "اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ"، لذا تولى الله عز وجل أمر محمد (صلى الله عليه وسلم) منذ أول لحظة حظي الوجود بإشراق طلعته، فنشأه تنشئة جمع له فيها خصائص الفطرة الإنسانية في أعلى مراتبها، وأرفع درجاتها، فلم يكله إلى أب يكفله ويربيه، وللأبوة أثرها على الطفولة وتوجيهها في الحياة.
وكان قدر الله تعالى الحكيم يلاحق أمه (صلى الله عليه وسلم) فيتخطفها وهي في طريق عودتها إلى مكة المكرمة، فيجمع الله له يتم الأبوين ليستخلصه بالتربية ويصطنعه بالتأديب "وَالضُّحَى، وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى، مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى، وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى، أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى"، فوارحمتاه لهذا الصبي إنه يتيم، يرى لِدَاتِهِ من الأطفال يرتمون في أحضان آبائهم فيضمونهم إلى صدورهم فيملأه الحزن والأسى، ألا يرى له أبا بين هؤلاء الآباء، هكذا فكرت مكة في نظرتها إلى محمد (صلى الله عليه وسلم) في صمته وعزلته وحيرته، هذه الحيرة هي الآية الأولى التي قرأها محمد (صلى الله عليه وسلم) في كتاب الوجود على صفحة الصحراء وهي التي رجع بها إلى مكة، السادرة في غي وثنيتها، السكرى بخمر أصنامها، المحجوبة عن التفكير في جمال وجلال هذا الكون، فنظرت إليه ونظر إليها، نظرت إليه بمنظار وثنيتها فلم تره يمشي إلى أصنامها لاهيا، كما يمشي أطفالها لاهية عابثة، بل رأت طفلا ينطوي على نفسه، وكأنه يحمل من هموم الدنيا وأحزانها ما صرفه عن اللهو واللعب.
وقال: وفي حياة محمد (صلى الله عليه وسلم) الخاصة ما يشغله عن صخب مكة، ولهوها العابث حول أحجارها وأصنامها وأوثانها، فكم من نفوس شهدت جلال الصحراء وجمالها، كما شهدها محمد (صلى الله عليه وسلم) في طفولته، ولكن قليل جدا هم الذين تأثروا بذلك الجلال الوجودي والجمال الكوني، وحتى هذا القليل لم يكتب له طرف، مما كتب التاريخ من تسبيحات الفكر في محاريب الوجود،بل ضلوا وظل ذكرهم في متاهات الصحراء، وبقي محمد (صلى الله عليه وسلم) وحده على ربوة الوجود يجاذبه هذا الجلال، ترانيم التقديس في صور من التأملات والتفكير.
موضحاً بقوله: انه من هنا كانت عزلته عن حياة قومه، تلك الحياة الصاخبة الجوفاء، ومن هنا كان ميله إلى الصحراء وفضائها الذي لا يتناهى، فما أشبه هذه الصحراء في امتدادها، بالفكرة التي تملأ نفس محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومن هنا كان ميله إلى الهدوء تحت ضلال الأشجار أو على قُلَل الجبال، وهذه العزلة لم تمنعه من مشاركة قومه في أعمال الخير، بل هي الرافد الذي هيأ الانطلاقة الحقيقة لدعوته، سبراً للطباع، ورصداً للأفكار.
مختتما كلمته بقوله : هكذا كانت نشأة محمد (صلى الله عليه وسلم) منذ ولادته إلى أن بعثه الله تعالى رحمة للعالمين أكمل نشأة، تولاه ربه فأدبَّه، ورباه فكملَّه، ورعاه فحفظه مما كان يغمر حياة قومه من وثنية وعادات مسترذلة حتى غدا أكمل إنسان في بشريته.
كما تضمن الحفل فيلماً وثائقيا تناول إسلام أهل عمان من زمن مازن بن غضوبة مروراً برسالة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى أهل عمان ودور العمانيين في نشر الإسلام في أقطار الأرض والحفاظ عليه، إضافة إلى فقرة أخرى حول قراءة في السيرة النبوية الشريفة (النشأة المحمدية) لطالب بن سعيد القنوبي بعد ذلك ألقى الشاعر خميس الوشاحي قصيدة نبطية حول المناسبة نالت استحسان الحضور.
يذكر ان الوزارة ستقيم مساء اليوم "الخميس" حفلاً جماهيرياً للأطفال والعائلات بهذه المناسبة وذلك على مسرح المجمع التجاري (سيتي سنتر) بالسيب، حيث تضمن الحفل أناشيد دينية ومسابقات ثقافية وفقرات أخرى مختلفة للأطفال.