هيثم العايدي:
بالنظر إلى الملفات التي نشرتها العديد من وسائل الإعلام والخاصة بشركة فيسبوك، والتي قيل إن أحد الموظفين بالشركة قام بتسريبها وما حوته من اتهامات لعملاق التواصل الاجتماعي بأن يضر بالصحة العقلية للفتيات، وينشر الخدع ويعطل الديمقراطية ويسمح لكبار الشخصيات بخرق القواعد، وأن الشركة فشلت في التحرك لمواجهة ذلك.. فإن المخاوف الجديدة المتعلقة بالإعلان عن إنشاء شبكة جديدة للتواصل الاجتماعي بعنوان الحقيقة (تروث سوشيال) وتحمل علامة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ستكون أقل التحديات التي يواجهها فيسبوك على الرغم من أن الإعلان عن إطلاق الشبكة الجديدة صحبه مخاوف ليس على فيسبوك، ولكن أيضا على المجتمع الأميركي معتبرين أن ذلك سيعمق انقساماته.
فالمخاوف من الشبكة الجديدة تتمثل في المقام الأول من اجتذاب قاعدة جماهيرية كبيرة داخل الولايات المتحدة وربما خارجها خصوصا في صفوف أنصار الأفكار المحافظة والرافضين للعديد من التوجهات التي تروج لها فيسبوك، خصوصا وأنه على الرغم من خسارته الانتخابات فإن 74 مليونا صوتوا لصالح ترامب في ثاني أكبر رقم يسجل لصالح مرشح.
ويضاف إلى ذلك استياء العديدين من ممارسات انتهجها فيسبوك من ضمنها تعيين مجلس حكماء يراقب المنشورات ويسرف في حظر حسابات من لا تتواءم توجهاتهم مع (الحكماء).
لكن هذا التحدي يُعد أقل من تحديات أخرى مثل اتهامات تلاحق فيسبوك بتغذية التطرف، حيث تشير التسريبات التي وصلت صحيفة "وول ستريت جورنال"، والكونجرس الأميركي ولجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية حيث إن صفحات فيسبوك كانت منصات وبؤرا لمحتوى مضاد للقاحات، كما أن التسريبات تشير إلى أن فيسبوك كانت على علم بتطرُّف عدد كبير من مستخدمي موقعها وبانتشار كمّ هائل من المعلومات المضلّلة المرتبطة بالانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020.
ويضاف إلى ذلك أيضا الاتهامات لفيسبوك أن تطبيق الصور إنستجرام (التابع أيضا لشركة فيسبوك) يضر بالصحة العقلية للفتيات الصغيرات، حيث إن من بين المراهقين البريطانيين الذين تحدثوا عن أفكار انتحارية، فإن 13% منهم أخذوها من التطبيق، حيث تدمر مجموعة لا تنتهي من الصور "الجميلة" لأقرانهم والمشاهير تقديرهم لذواتهم، مما يجعلهم في حالة نفسية سيئة.
كذلك فإن التسريبات تشير أيضا إلى وجود "القائمة البيضاء" وهي فئة مستثناة من قواعد فيسبوك ويتاح لها كسر هذه القواعد لدرجة نشر محتويات متطرفة أو مؤذية، حيث إن هذا الاستثناء يعود لكثرة متابعي هذه الشخصيات، الأمر الذي سيثري من التفاعل مع الموقع.. وتقول "وول ستريت جورنال" في هذا الصدد إن أكثر من 40 قسما داخل فيسبوك لديها القدرة على إضافة أشخاص إلى قائمة "إكس تشك" (Xcheck) الخاصة، وهي قائمة تحتوي على حسابات المستثنين من رقابة فيسبوك على النشر.
فهذه الاتهامات والتي تهدد بالتحقيق مع فيسبوك في الكونجرس تُعد من أكبر التحديات التي تواجهها ونابعة بالأساس من خروج فيسبوك عن دورها كمنصة تواصل ناقلة للمحتوى إلا تحكمها وانتقائيتها فيما يتم عرضه وذلك بالإتاحة أو المنع والحظر تحت دعوى الخوارزميات.