ناصر بن سالم اليحمدي:
تُعد المنظومة القضائية بالسلطنة مثالا للتفاني والسعي لكل ما يحقق مصلحة الوطن والمواطن؛ حتى أضحت وجها حضاريا مشرقا في مقدمة مكتسبات مسيرتنا المباركة، وأحد أهم عناوينها الناهضة التي يفخر بها كل عُماني.. فهي دائما تضع تطلعات المواطن وتحقيق العدالة بشفافية ومصداقية فوق كل اعتبار، وتعمل على إيجاد الحلول الناجعة لكافة مشاكله، والتخفيف عنه، وتحقيق العيش الكريم، والكرامة الاجتماعية له، والأمن والاستقرار للمجتمع ككل.
لا شك أن التوسع والنمو المجتمعي والتطور الذي تشهده السلطنة في جميع المجالات يستلزم بالضرورة تطوير سلطة القضاء؛ لكي تواكب هذا النمو والتطور حتى يستتب الأمن وتصان الحقوق وينعم الشعب الوفي بالاستقرار والاطمئنان.. من هنا فإن افتتاح المقر الجديد لمركز عُمان للتحكيم التجاري يُعد داعما للبيئة التشريعية ووسيلة فعالة لتسوية المنازعات التجارية المحلية والدولية، وخطوة فاعلة وقوية في مجال تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال إلى السلطنة، حيث إن المركز الجديد سيعزز من ثقة المستثمرين ورجال الأعمال؛ لأنهم يدركون أن أموالهم مصانة وحقوقهم محفوظة طالما أن ميزان العدل قائم.
لا شك أن مركز عُمان للتحكيم التجاري سيسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والإقليمية والعالمية، وبالتالي تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة التي تسرع بنا الخطى لتحقيق الرؤية المستقبلية الواعدة "عُمان 2040".. لأن مبادئ المركز قائمة على النزاهة والشفافية والحياد والاستقلال وغيرها من المعايير التي تطمئن رجال الأعمال حيال تسوية المنازعات.. وهي ذات المعايير التي يستخدمها قضاؤنا الشامخ العادي والذي لا تتعارض معه أعمال المركز الجديد بالمرة، بل على العكس فإن دور مركز عُمان للتحكيم التجاري مكمل للقضاء العادل ومساند له وداعم لقوانينه ومبادئه النزيهة.
إن المركز الجديد يُعد قوة إقليمية كبيرة؛ لأن دوره يتعدى المحلية إلى الإقليمية والدولية، ويشمل الاستثمارات العابرة للحدود والقارات.. كما أنه أثناء التدشين تم توقيع اتفاقية تعاون بين المركز ومركز التحكيم الدولي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تنصُّ على تبادل الخبرات الفنية والبرامج التدريبية والتكنولوجيا والوسائط العلمية وغيرها مما يرفع من كفاءة العمل الإداري والمهني في المركز.
إن دعم حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لإنشاء مركز عُمان للتحكيم التجاري يعكس عمق نظرة جلالته السامية في اللحاق بركب التنمية التي تشهدها البلاد بصورة متسارعة إلى جانب مواكبة التطورات التي تحدث على الساحتين المحلية والعالمية بالنسبة للنظام القضائي مما يساعد هذا القطاع المهم على القيام بمهامه المنوط بها على أكمل وجه وبصورة عادلة وشفافة.
وفق الله قائدنا المفدى جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ وحكومته الرشيدة نحو تحقيق الأمان والسلام والعدالة في البلاد وسدد على طريق الخير خطاهم إنه نعم المولى ونعم النصير.
* * *
سيول في تونس.. إعصار في المكسيك.. زلزال قوي في تايوان.. كل ذلك في يوم واحد.. وهناك الكثير من الكوارث الطبيعية التي لا يكاد يخلو أسبوع من حدوثها حول العالم مما يقرع جرس إنذار مدويا لضرورة وقف زحف هذه الكوارث والتي يعد تغير المناخ السبب الرئيسي في وقوعها.. فارتفاع درجة حرارة الجو نتيجة استخدام الوقود الأحفوري في الأنشطة الصناعية المتزايدة يضع الكرة الأرضية على صفيح ساخن ويتطلب سرعة التحرك من أجل تبريد حرارة الجو أو على أقل تقدير إيقاف معدلات ارتفاعها واستعادة رونق الطبيعة مرة أخرى.
لا شك أن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" التي أطلقتها الشقيقة المملكة العربية السعودية في العاصمة الرياض بحضور عدد من القادة البارزين من المنطقة والعالم وشارك فيها ممثلا عن السلطنة بتكليف سامٍ من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تعد وسيلة مبدئية لإنقاذ الشرية والحفاظ على البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي وبداية الطريق نحو مستقبل أكثر خضرة والتي تتفق مع رؤيتنا المستقبلية الطموحة عُمان 2040.
إن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" تهدف إلى زيادة نسبة المسطحات الخضراء بزراعة 50 مليار شجرة، وهو ما يُعد أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم لخفض انبعاثات الكربون ومكافحة التلوث وتدهور الأراضي والحد من التصحر، ناهيك عن توحيد الجهود من أجل تنفيذ الالتزامات البيئية المشتركة، وتعزيز الاستثمار ونقل المعرفة للمحافظة على الطبيعة ومكافحة التغير المناخي في الشرق الأوسط مع زيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة وغير ذلك من الأهداف النبيلة التي تصب في صالح تحسين جودة الحياة، والحفاظ على البيئة وإنقاذها من التدهور والدمار وإيصالها للأجيال القادمة وهي في أحسن حال.
إن التحالف البيئي الجديد في المنطقة يفتح الباب لنوع جديد من الطاقة وهي الطاقة الخضراء والتوجه نحو تعزيز الاقتصاد الأخضر ليس في مجال الطاقة فقط، ولكن في مجالات الصناعة والإسكان والسياحة والزراعة وغيرها والتي بدورها مع مرور الوقت ستخفف من انبعاثات الكربون وكافة غازات الاحتباس الحراري.
لا شك أن مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" بادرة حسن نية من قبل الدول العربية التي تسعى جاهدة للحفاظ على البيئة، فرغم أن مساهماتها مجتمعة في انبعاثات الكربون قليلة جدا مقارنة بما تنتجه الصين وأميركا وكافة الدول الصناعية الكبرى، إلا أنها بهذه المبادرة تبرهن على أنها ملتزمة بحماية المناخ، وهو ما يجب أن تحذو حذوه تلك الدول المتقدمة فتلجأ للاقتصاد الأخضر وتعتمد على مصادر الطاقة المتجددة حتى ينجو كوكبنا ويعود لسابق عهده جنة.