د. حميد بن محمد البوسعيدي:
يأتي يوم المرأة العمانية الذي يصادف 17 من شهر أكتوبر من كل عام، ليعطي قدرا ولو يسيرا من الاهتمام بدور المرأة في إعداد أجيال المستقبل، في الاعتناء من القلب بأبنائها، فهي تبذل الغالي والنفيس ليكونوا سعداء في الدنيا والآخرة. نتذكر يوم المرأة ونضع لها يوما خالدا كل عام، ليس من أجل تكريمها فهي أصلا مكرمة من فوق سبع سماوات، وإنما لكي نرقى عندما نقترح أية توصيات تتعلق بالمرأة لتكون تلك التوصيات جليلة تلامس ما يؤرق المرأة بهجتها وسعادتها، وهو ما ينتظرها من زيادة مدة الخدمة في أنظمة التقاعد الجديدة المرتقبة في 2022م فهذا المقال منها ولها.
تختلف مدة الخدمة المطلوبة لاستحقاق المعاش التقاعدي للمرأة حسب القانون الذي تخضع له والقطاع الذي تعمل به سواء بالقطاع العام، الخاص أو القطاع العسكري. وقياسا على قانون معاشات الخدمة لموظفي الخدمة المدنية، فكان سابقا يستحق الموظف رجلا أو امرأة معاشا تقاعديا اختياريا في حال تقدم باستقالته بعد خدمة لا تقل عن (15) عاما ثم عدلت لتكون بعد (20) عاما، وبشكل عام فأغلب أنظمة التقاعد تعطي حق التقاعد لمدة خدمة تصل بين 15 الى 20 عاما. لكن بعد صدور المرسوم السلطاني رقم (33 /2021) في شأن أنظمة التقاعد والحماية الاجتماعية فتم رفع الحد الأدنى لاستحقاق المعاش التقاعدي لتكون (30) عاما، مع استثناء الذين أكملوا أو سوف يكملون (20) عاما قبل صدور قانون الحماية الاجتماعية. وقد يكون توجه الحكومة زيادة مدة الخدمة المطلوبة للتقاعد الاختياري بنسبة تصل الى 50% (من 20 الى 30) عاما هو الهاجس الذي يؤرق أغلب صناديق التقاعد من طول عمر المتقاعد بسبب خروج نسبة كبيرة منهم وهم بين عمر 45 الى 50 عاما وما يترتب من طول الفترة التقاعدية التي يتم صرف فيها معاش التقاعد وبالتالي التأثير السلبي على السيولة المالية لتلك الصناديق. فعلى سبيل المثال ارتفع المبلغ الشهري لمعاشات تقاعد موظفي الخدمة المدنية من 28 مليونا في 2019 ليصل الى ما يزيد على 40 مليون شهريا في شهر أغسطس 2021م نتيجة ارتفاع عدد المحالين للتقاعد والمستقيلين برغبتهم الخاصة. عليه فمسألة رفع مدة استحقاق معاش التقاعد لتصل الى 30 عاما قد تكون هناك رغبة من الحكومة في توجيه الصناديق الجديدة في وضع نظام استدامة مالية تعتمد على مدخراتها واستثمارتها، أسوة بالتوجه المتبع في الشركات الحكومية حيث إن هذه الصناديق وإن اختلف مسماها فهي تمارس نشاطا استثماريا.
قانون الحماية الاجتماعية المرتقب قد يكون استنبط مسماه من المسمى الحالي وهو قانون التأمينات الاجتماعية وذلك لشمولية معنى الحماية الاجتماعية ليشمل المعاش التقاعدي وما يطرأ في حياة الموظف من تاريخ تعيينه وحتى إحالته للتقاعد، وأيضا حتى لا يكون هناك سوء فهم بين مسمى الحماية الاجتماعية ونظام الأمان الوظيفي الذي يختص بحماية الموظف في حالة فقد الوظيفة. ولعل الأمل يبقى بنظرة تفاؤلية في وضع أسس وقواعد الإحالة للتقاعد بقانون الحماية الاجتماعية، ليعكس رغبة الحكومة في الاسترشاد بقواعد التقاعد المطبقة بقانون التأمينات الاجتماعية التي تفرق بين المدة المطلوبة للتقاعد بين الرجل والمرأة. على سبيل المثال يستحق المؤمن عليه معاشا في حال (الشيخوخة المبكر) عند بلوغه سن الخامسة والأربعين ومدة اشتراك في التأمين لا تقل عن (20) عاما بالنسبة للرجل و (15) عاما بالنسبة للمرأة. تخفيض مدة الخدمة المطلوبة لاستحقاق التقاعد بالنسبة للمرأة بمقدار (5) أعوام عن الرجل في قانون التأمينات الاجتماعية، كون أن المكلف بالإعالة هو الرجل وليس المرأة، وهذا ملاحظ في حالة الأرملة التي يتوفى زوجها وتستحق معاشا تقاعديا، هذا الاستحقاق يسقط عنها في حال زواجها مرة أخرى. والقول هنا بأن قانون التأمينات الاجتماعية تميز عن قوانين التقاعد الأخرى بالسلطنة، في مسألة التفرقة بين خدمة الرجل والمرأة عند استحقاق المعاش التقاعدي بمنح المرأة أفضلية من حيث المدة المطلوبة للحصول على المعاش في حال رغبتها في التقاعد الاختياري. كما أن التمييز في مدة الخدمة المطلوبة لاستحقاق معاش التقاعد له مردود اجتماعي لأنه يؤطر العلاقة الزوجية ويوفر وقتا أطول للمرأة في المحافظة على الاستقرار الأسري في المجتمع. كما إنه يساعد في تسريع دورة الوظائف وتوفير فرص للباحثات عن عمل، حيث يوصف المجتمع العماني بأنه مجتمع فتي ومعيل من حيث إن أغلب العاملين هم بين عمر (25 الى 45) عاما وبالتالي تطويل مدة الخدمة لتصل الى (30) عاما لاستحقاق المعاش، من شأنه أن يقلل من فرص العمل بالقطاع الحكومي أو الخاص أو القطاع العسكري.
المرأة تترقب قانون الحماية الاجتماعية ليس فقط من باب المراعاة في مدة الخدمة المطلوبة لاستحقاق معاش التقاعد، وإنما أيضا من أجل منح حماية أكثر للمرأة من حيث توفيرتقنين فيما يخص إجازات الولاة وتحديد ساعة للرضاعة كما كان سابقا، والاهم هو فتح سقف إجازة الولادة بحيث لا يتم ربطها بعدد معين من الولادات، وايضا إيجاد تشريع جديد ضمن قانون الحماية الاجتماعية يحفظ لها مساهماتها الشهرية التي تستقطع من راتبها في صندوق التقاعد في حال وفاتها ـ لا قدر الله ـ بدون اشتراط أن تكون هي المعيل الوحيد للأسرة لاستحقاق المعاش.
المرأة تتطلع من اللجنة المشكلة بقرار من مجلس الوزراء، دراسة أنظمة التقاعد المرتقبة بحيث ينظر لها من زاوية مختلفة تماما عن الرجل فيما يخص تحديد مدة الخدمة المطلوبة لاستحقاق معاش التقاعد وتخفيضها عن (30) عاما، حيث إنها أنثى وليس الذكر كالأنثى وأن يكون قانون التأمينات الاجتماعية الحالي هو المرجع في التمييز في مدد الخدمة بينها وبين الرجل. الأمل من اللجنة الوزارية أن تأخذ جميع الأنظمة الحالية بمنظور شامل بحيث لا تكون هناك أنظمة جديدة تعقد مسألة حصول المرأة على معاش التقاعد وبحيث تعطيها مرونة أكثر من الرجل إن هي رغبت في الحصول على التقاعد الاختياري، حيث إن زيادة مدة العمل المطلوبة لاستحقاق معاش التقاعد بالنسبة للمرأة، لها تداعيات اجتماعية، فهل تستجيب اللجنة لتطلعات المرأة، الإجابة معلقة حتى أبريل 2022م.
[email protected]