رؤية : طارق علي سرحان
ومع بدء عرض الجزء الأخير من السلسلة في دور العرض السينمائي أكتوبر الماضي، والذي حمل عنوان (لا وقت للموت) أو (No Time to Die)، تأتي أخر محطات كريج خلال رحلته في عالم الجاسوسية برصيد 5 أعمال حملت بصمة وإضافة مميزة للشخصية، وترابط نسبي في بعض أحداثها، ليترك النجم البريطاني (الذي حوصر جسديا وذهنيا من قبل الشخصية) كما اعترف في حديثه مع (ديلي ميل)، شارة العميل (007) لبوند أخر يصعب تكهنه حاليا. تبدأ أحداث فيلمنا من حيث انتهى الجزء السابق، وبعد مرور 5 أعوام من القاءه القبض على بلوفيلد (كريستوف والتز) المجرم العالمي الأول بقائمة سبيكتر، يتقاعد جيمس بوند عن عمله في المخابرات البريطانية في محاولة بدء حياة عاطفية مستقرة مع د. مادلين سوان (ليا سيدو)، لكن يبدو أن الماضي سيظل يطارده، حيث يطلب منه فيليكس لايتر صديقه العميل بالمخابرات المركزية الأميركية معاونته في البحث عن عالم روسي مفقود. بعيدا عن المبالغات البصرية والجرافيكية، وبإسلوب كلاسيكي أكثر، ومشاهد فريدة موظفة بإتقان، يقتحم المخرج كاري فوكوناجا أجواء المغامرة بجرأة وشجاعة، عبر مطاردات وتفجيرات ومواجهات شيقة تبدأ من مدينة ماتيرا الإيطالية، في مشهد افتتاحي مميز بإستخدام زوايا تصوير واسعة، لتأخذ الأحداث منحني تصاعدي مثير، نلتقي خلالها بالنجم ذو الأصول المصرية (رامي مالك) الذي يجسد دور لوسيفر سافين عالم الهندسة الوراثية والمشوه جسديا ونفسيا، حيث يسعى إلى تدمير جيمس بوند عبر سلاح بيولوجي، عقار يستخدمه لإحداث تشوهات وتغيرات بالحمض النووي. بداية جيدة لمالك في عالم الشر النفسي، رغم عيوب رسم الشخصية والمبالغة في إظهار سمات ليس لها مبرر بها بالاضافة الى عدم تقديم مساحة كافية لها، حيث تعتبر من نقاط ضعف الفيلم. اداء لافت وممتع كالعادة للنجم دانيل كريج، كان سببا في تميز وتألق (بوند كريج) في خماسيته بالسلسلة. حيث عكس بناء الشخصية ومراحلها العمرية وما لحق بها من أثار نفسية وجسدية جراء التجارب التي مر بها منذ أول بطولة له في (كازينو رويال) مرورا بـ(كوانتم أو سولاس)، (سكايفول) و(طيف)، وصولا الى (لا وقت للموت)، وطريقة معالجته للمشكلات التي يقابلها بالاضافة الى عامل السن وذلك التجسيد أكسب جميع اعماله ابعاد درامية عميقة. نهاية ناضجة ومبتكرة لأحداث (لا وقت للموت)، وهنا نستطيع القول بأن وقت العميل كريج انتهى، لكن سيبقى جيمس بوند أو العميل (007) ، يؤكدها صناع الفيلم مع نزول تتر النهاية وتشغيل أغنية (لدينا كل الوقت في العالم)،( We Have All The Time In The World)، ليبقى التحدي الأصعب مطروحا، هل سيترك بوند الجديد أثر على جماهيره كما فعلها كريج ؟
ضمت رحلة عميل الاستخبارات البريطانية السرية جيمس بوند السينمائية، منذ أن أبدعها الروائي والصحفي إيان فليمنج، 26 عملا هي أطول سلاسل الأفلام في تاريخ السينما، جسدها 7 نجوم مختلفين طوال أكثر من نصف قرن، آخرهم دانيال كريج أفضل من قدم الشخصية. وفقا لما حملته أفلامه من تشويق وإثارة ومعاصرة.