«صالون الأربعاء» يناقش الأدب المقارن ومفاهيمه

مسقط ــ «الوطن»:
أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء ممثلة في لجنة الدراسات والفكر ضمن أعمال صالون الأربعاء الحلقة الخامسة من الدراسات الثقافية بعنوان (الدراسات الثقافية بصفتها أدبا مقارنا جديدا)، قدمتها الدكتورة فاتحة الطايب من جامعة محمد الخامس بالرباط، أستاذ زائر بجامعة تبليسي الحكومية في جورجيا. تناولت المحاضرة التي أدارها الباحث عادل العناز ثلاثة محاور أساسية استعرضت محور الأدب المقارن من المنعطف الشكلاني إلى المنعطف الثقافي، محور الية المقارنة بين حقلي الأدب المقارن والدراسات الثقافية، ومفهوم المقارنة الجديدة وما بعد المقارنة.
وقد أوضحت الدكتورة فاتحة الطايب إلى أن الآداب ومجالات التعبير الإنساني باختلاف اشكالها تخضع الى التقسيم التراتبي الذي تخضع له دول العالم لكي تتحكم في علائق القوى فيما بينها، حيث نجد فيها العالم الأول والثالث ودور المقاومة في اعادة بعض التوازن لهذه العلائق. وتطرق المحور الأول الى عنصرين يتعلق الأول بما اسمته الدكتورة الطايب بالمركزية (الاورو أميركية)، فيما أسمت العنصر الثاني بعنصر (الهوامش القديمة ـ المراكز الجديدة)، حيث أوضحت بأن الأدب المقارن في فرنسا وأوروبا تطور في تزامن مع اكتساح الاميريالية الأوروبية وثقافتها لخريطة العالم في وقت رأى فيه بعض الفلاسفة بأن الأدب المقارن الذي ركز في البداية على مفهوم الائتلاف دون الاختلاف تأثر بمركز ومكانة فرنسا في أوروبا والعالم بشكل عام حيث مجدت أبحاثه العظمة الثقافية لفرنسا. وأشارت إلى أنه في النصف الأخير من عقد الستينات حدث تغير للنسق الثقافي الأميركي بشكل كبير بفعل حصول تحولين عظيمين متداخلين يتمثل التحول الأول في حصول المستعمرات الإمبراطورية القديمة على الاستقلال وما أعقب ذلك من ظهور اصوات المقومات الثقافية وظهور دراسات غايتها الاساسية (دمقرطة) الثقافة الانسانية بواسطة الحد من الهيمنة المركزية الغربية في مقابل التركيز على خصوصيات الآداب القومية. أما التحول الثاني فهو يتمثل في انتشار (التاريخانية) الجديدة في أوساط المثقفين اضافة الى الحركات النسائية والمقاومة من أجل حقوق السود المدنية والاعتراض على حرب فيتنام ، حيث أسهم هذا التحول في الانفتاح على منظور الدراسات الثقافية بفضل أبناء المستعمرات السابقة في وقت اهتم فيه المقارنون الاميركيون الذين واكبوا التطورات المعرفية التي صاحبت الدراسات المقارنة اهتموا بنصوص وأشكال تعبيرية من مختلف الثقافات داخل سياقاتها السياسية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية. وفي حديثها عن المحور الثاني المتمثل في (آلية المقارنة بين حقلي الأدب المقارن والدراسات الثقافية) تطرقت الدكتورة الطايب الى أن عقد السبعينيات من القرن العشرين يعتبر عقد ولوج الدراسات الثقافية الى الولايات المتحدة الأميركية ، ففي النسق الأميركي الهجيني الذي اكتسب فيه أبناء مستعمرات بريطانيا السابقة بالارتكاز على موقعهم البيني سلطة الريادة المعرفية داخل الجامعة الاميركية المؤثرة عالميا ، تسلسلت الدراسات الثقافية بفعل تفكيك النظرية الفرنسية اولا ممثلة بالتفكيكية مع ترجمة المفكرة والمقارنة الهندية الاميركية سبيفاك بالاضافة الى ترجمة أعمال الفيلسوفين جيلدو العوز وميشيل فوكو فضلا عن فعل توسيع افق تلك الدراسات الثقافية. وفي سياق اعادة الاعتبار الى الانشطة غير البريئة للتطورات المقارنة في الولايات المتحدة الأميركية منذ ثمانيات القرن العشرين واتجاه اهتمام الباحثين المجددين نحو كل ما يشكل تجاوزا وتحديا للدراسات التقليدية. وحول المحور الثالث بشأن (مفهوم المقارنة الجديدة وما بعد المقارنة)، قسمت فاتحة الطايب هذا المحورالى قسمين هما المقارنة الجديدة ومابعد المقارنة على مستوى العالم، والمقارنة الجديدة ومابعد المقارنة عربياً ، موضحة بأن (الما بعدية) لا تعني وجود قطاع فاصل بل تعني تصحيح المنظور.