أضحت المشروعات الزراعيَّة المُتكاملة من أولويَّات الدول، سواء كانت ناميَة أو متقدِّمة، فهي أحد المصادر المُهمَّة في تحقيق الأمن الغذائي المنشود، وأصبحت أحد المصادر المُهمَّة للدَّخل، كما أنَّها تقدِّم منتجات زراعيَّة ذات جودة عاليَة بأسعار مُناسبة للمواطنين، وتعمل على سدِّ الفجوة في السُّوق المحلِّي ما بَيْنَ الإنتاج والاستيراد، ما يكون له أثَر كبير على الاقتصاد الوطني ككُلٍّ، بالإضافة إلى توفير آلاف من فُرص العمل المُباشرة، ومئات آلاف أخرى غير مباشرة لفئات المواطنين كافَّة؛ نظرًا للأنشطة المُتنوِّعة والفُرص الاستثماريَّة العديدة التي توفرها مشاريع التَّنمية الزراعيَّة التي يضطلع فيها القطاع الخاص بدَوْرٍ رئيسي. لذا تحرص البلدان على الاستفادة من رُقعتها الجغرافيَّة في فتح آفاق جديدة للتَّنمية الزراعيَّة المُستدامة، التي تدمج ما بَيْنَ الأرباح الموثوقة للمُستثمر مع غايات الدولة في تحقيق أمن غذائي، وتحقيق عوائد للاقتصادات الوطنيَّة.
ومن هذا المنطلق، أعلنت وزارة الإسكان والتَّخطيط العُمراني عن تخصيص (55) أرضًا لمشروعات زراعيَّة مُتكاملة في إطار مبادرات الوزارة لدعم القطاع الزراعي بالسَّلطنة، وبالتَّعاون مع وزارة الثَّروة الزراعيَّة والسمكيَّة وموارد المياه، ضمن مختبر الأمن الغذائي الذي نفَّذته مؤخرًا وزارة الثَّروة الزراعيَّة والسمكيَّة وموارد المياه بمشاركة الوزارة وعدد من الجهات ذات العلاقة لتنويع مصادر الأمن الغذائي ضمن أهداف رؤية "عُمان ٢٠٤٠"، حيث تتراوح مساحات المشروعات الجديدة بَيْنَ (10) إلى (66) فدانًا توزَّعت بَيْنَ (8) محافظات لتنفيذ مشروعات تتعلَّق بتربيَة الماشيَة والدَّواجن وزراعة الخضراوات والأعلاف.
ولعلَّ هذا الكمَّ من المشروعات يحتاج رؤوس أموال ذات خبرة في مثل هذه الاستثمارات؛ ليقود القطاع إلى تحقيق الأهداف المرجوَّة منه، فبالإضافة إلى الأراضي الـ55 التي خُصصت، هناك مشروعات زراعيَّة أخرى تجري دراستها وسيُعلن عنها تدريجيًّا. فبحسب الوزارة، فإنَّ هناك ما يزيد عن (900) مشروع لم تتمكَّن الوزارة من اعتمادها بسبب وقوعها خارج النِّطاق الزِّراعي المحدَّد وفقًا للاستراتيجيَّة الوطنيَّة العمرانيَّة أو لأسبابٍ فنيَّة وتخطيطيَّة وتمَّ التَّنسيق مع وزارة الثَّروة الزراعيَّة والسمكيَّة وموارد المياه لدراستها والنَّظر في إمكان تنفيذها ضِمْن المخطَّطات الزِّراعيَّة المُتكاملة والتي تمَّ اعتمادها مؤخرًا بالعديد من المحافظات.
إنَّ المشروعات الزِّراعيَّة المُتكاملة التي أعلنت عنها الوزارة تُتيح العديد من الفُرص الاستثماريَّة والتجاريَّة التي يمكن استغلالها لتعزيز الأمن الغذائي بالسَّلطنة، وتعمل الوزارة في هذا الجانب على توفير الأراضي المناسبة للاستثمار في هذا القطاع، وتشجيع مؤسَّسات وشركات القطاع الخاصِّ وحثِّها على تنفيذ مثل هذه المشروعات الواعدة التي تُسهم في تعزيز مجالات الغذاء، وتحقيق أرباح جيِّدة ومضمونة، وذلك لحاجة السُّوق المحلِّية والإقليميَّة للمنتجات الغذائيَّة، إلى جانب إيجاد فُرص عمل للمواطنين، فتلك المشروعات الواعدة هي الضَّمانة الرئيسيَّة للأمن الغذائي في البلاد، وهي نتاج جهد كبير من العمل والتَّخطيط للمُستقبَل، فهناك مبادرات في هذا الجانب لاستثمار الفُرص المُتاحة ضِمْن مختبر الأمن الغذائي والتي خرجت بالعديد من المشروعات والتَّسهيلات الاستثماريَّة لمُواجهة تحدِّيات توفر الغذاء، وخصوصًا في أوقات الأزمات.
فالغذاء من المجالات والصِّناعات النَّاجحة، خصوصًا أنَّ السَّلطنة تمتلك من المقوِّمات والمواد الخام ما يؤهِّلها للقيام بتنفيذ مشروعات الأمن الغذائي مع توفر الأراضي الشَّاسعة الصَّالحة للزِّراعة، والقدرة على جلب الاستثمار، فضلًا عن الزِّيادة السَّنويَّة في أعداد السكَّان وحاجتهم إلى سوق تتوافر فيه جميع المُنتجات الزِّراعيَّة مع الاستفادة من هذه الثَّروة للاستهلاك الدَّاخلي أو للتَّصدير، والاستفادة من الأسواق الخليجيَّة ومن الفُرص الموجودة في كُلِّ هذه المجالات، ما يحقِّق الأمن الغذائي للسَّلطنة، وهو هدف استراتيجي ضِمْن أهداف رؤية "عُمان 2040".