[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
ماذا يمكن أن يحصل لو أن النمط الاقتصادي العربي المشترك حاليًّا تغير لصالح شراكة حقيقية على طريق تكوين كتلة اقتصادية إقليمية في العام الجديد 2015 وفق سياقات الكتل الاقتصادية المناطقية أو القارية، أو ذات البعد الدولي.
لا شك أن الدول العربية لا تحتاج إلى بداية عام جديد لتبدأ خطوة من هذا النوع، لكن الوضع يتطلب ذلك إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن أغلب الدول العربية تعتمد التوقيتات السنوية وفق التقويم الميلادي لتأشير معالم الخطوات القادمة التي يمكن لها أن تنتشل بعض أوضاعها الاقتصادية من دائرة التذبذب والمراوحة إلى خطوات يصاحبها خط بياني واضح من التنمية المستدامة.
لنأخذ الأمر من زاوية الإنتاج الاقتصادي العربي والتجارة البينية والناشطات الخدمية، والإفادة من الخبرة في هذا البلد العربي أو ذاك، ومن تقاسم الأرباح على أساس الروح التضامنية العربية وفتح الأسواق أمام منتجات عربية معينة والتفاوض مع الدول الأخرى في الميدان الاقتصادي من منطلق أن الاقتصاد العربي كتلة مهيأة لأن تكون بمستوى الكتل الاقتصادية الأخرى، وأن يتم الإفادة المشتركة من المناطق البحرية التي تحيط بالوطن العربي حزاما اقتصاديا على درجة عالية من الأهمية، أو اعتماد وسائل وإجراءات لمواجهة الزحف الصحراوي وتكوين سلال زراعية تستطيع أن تغطي الحاجة العربية في مضمار الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وانتهاج سياسات اقتصادية تقوم على ترشيد والحد من النزعات الاستهلاكية المرضية.
وماذا يمكن أن يحصل لو أن العرب اعتمدوا بيوتا مالية مشتركة تضع في أولويات أهميتها حماية أسعار عملاتها من التراجع، والحد من الفساد الإداري والمالي، وإزاحة كل مظاهر المضاربات، ومواجهة غسيل الأموال والعمل على جعل الاحتياطي النقدي العربي قاعدة لجميع العرب وليس لبلد دون آخر، وأن يصب النشاط الاقتصادي المشترك والأنماط الاستثمارية في إطار الخدمة العامة لجميع الدول العربية.
لا شك أن كل ذلك لو حصل فإن متغيرًا كبيرًا سيتحقق لصالح العرب في مواجهة التحديات التي بدأت تتفاقم في المنطقة وفي العالم، ولا شك أيضا أن العرب سيكونون بمستوى القدرة على مواجهة ما يتعرض له العالم من هزات وتراجع وانكماش وكساد في هذه البنية الاقتصادية أو تلك، بل من الممكن جدًّا أن تكون الفرص التجارية العربية على مستوى مقبول في المنافسة الإقليمية والعالمية وتوظيف ذلك في درجة التأثير لصالح المنتجات العربية وفق مقاييس منظمة التجارة العالمية ، وكذلك على أساس الصفقات الآنية التي تحتمها طبيعة المناقلات التجارية بين الحين والآخر.
سيقول الكثيرون إن خطوات من هذا النوع ليس ممكنة في ظل هذا التشابك الاقتصادي الدولي ومحاولات الابتزاز، والتأثر بأحكام المعرفة المتطورة التي ترمي بثقلها على دور أي بلد من البلدان بما يسمى احتكار التقانة الحديثة، لكن هناك حقيقة نسبية إن العرب ليسوا في حالة انكماش أو تراجع في ميادين المعرفة عمومًا، والمخترعات والتطورات التكنولوجية العربية الحديثة مقبولة رغم أنها متواضعة قياسًا بتطورات التكنولوجيا عالميًّا غير أنها تضيع دائمًا ضمن بحر من المخترعات على امتداد المعمورة إن لم يكن الأمر أسوأ من ذلك في سرقة المعرفة العربية.
إن إنجازات اقتصادية عربية مشتركة حتى لو كانت بالحد المتواضع في انتزاع الفرص التنموية الحقيقية فإنها بالتأكيد ستخلق إطار عمل على درجة من الأهمية، خاصة أن هناك رصيدًا واسعًا من القرارات في هذا الشأن منذ استحداث مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964 مرورًا بالقمة الاقتصادية في العاصمة الأردنية عمان 1981 وصولًا إلى قمة الكويت الاقتصادية والقرارات التي اتخذتها قمم عربية أخرى وكذلك ما اتخذته مجالس وزراء عرب على طاولة جامعة الدول العربية، لكن مقتل العمل العربي الاقتصادي المشترك يكمن في التوجهات السياسية، أي ما تمليه شروط داحس والغبراء وحرب البسوس في النسخ المعاصرة!!