مسقط ـ "الوطن":
حظيت مشاركة النساء في العمل التجاري والاستثماري في السلطنة بأهمية خاصة خلال السنوات الماضية مما أسهم بوضوح في رسم دور المرأة العمانية بالتنمية الاقتصادية وذلك من خلال مبادرات الحكومة في دعم الأنشطة الاقتصادية عبر السياسات والبرامج التي وضعت لرفد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في السلطنة، مما وفر بيئة مشجعة للراغبات في تأسيس المشاريع والاستثمار التجاري ، وقد ساعد المرأة العمانية في ذلك تعليمها الواسع وتوفر فرص التدريب في لعب دور بارز في العملية التنموية بالبلاد حتى باتت مشاركة النساء في العمل التجاري كبيرة وملحوظة في السلطنة.
ويحتضن المركز الوطني للأعمال الذي يعمل تحت مظلة المؤسسة العامة للمناطق الصناعية مجموعة من المشاريع الاستثمارية النسوية العمانية التي تشكل قيمة مضافة للاقتصاد العماني, حيث تأسس المركز الوطني للأعمال في عام 2012 ليكون منصة رائدة لدعم رواد الأعمال العمانيين من الجنسين في تطوير مشاريع تجارية ناجحة.
ويعد المركز جزءاً من إستراتيجية حكومية كبيرة تقوم بدعم واحتضان المؤسسات العمانية الصغيرة والمتوسطة لتساهم في دفع عجلة الاقتصاد العماني للأمام وخلق فرص عمل جديدة في السوق العماني.
ومن أجل تحقيق ذلك يقوم المركز ببناء علاقات مع رواد الأعمال، وتوفير هيكل وبيئة مناسبة لتدريبهم وإرشادهم وتوجيههم بالنصائح التجارية الفاعلة، وتوفير أفضل المرافق والتسهيلات المناسبة في مكاتبهم، وتحضي المرأة كمستثمرة ورائدة أعمال بمساعدة المركز لبناء شراكات مع مؤسسات في القطاع الحكومي والخاص بغرض توسعة وتنمية الأعمال لتسهم بفاعلية في التنمية الاقتصادية.
دعم المبادرات الابتكارية
يسعى المركز الوطني للأعمال إلى دعم المبادرات الإبتكارية والإبداعية لرواد الأعمال، ودعم رواد الأعمال للقيام بدراسات الجدوى وبحوث السوق، وخطط الأعمال التجارية، وتقديم برامج التدريب المكثفة والاستشارات ومتابعة تطور رواد الأعمال، ونشر وغرس مفهوم الريادة والمبادرة في المجتمع عامة والشباب بشكل خاص، وتنظيم مبادرات تتيح لرواد الأعمال التعرف على الشركات والمؤسسات التجارية بالسلطنة، وخلق علاقات عمل معهم، وخلق شراكات مع الجهات الحكومية والخاصة لتقديم فرص للشراكات مع رواد الأعمال ورعايتهم.
وقالت شادية الإسماعيلي متخصصة في المجال المالي، عملت على مدى 22 سنة في الحقل المالي ما بين القطاعين العام والخاص، وهي صاحبة مشروع "ديمة لتصميم المجوهرات" الذي يحتضن حالياً بالمركز الوطني للأعمال: بعد سنوات طويلة من العمل جاءتني فكرة التركيز في المجال الذي شغفت به في حياتي وهو مجال أميل إليه بشكل كبير "الفن والتصميم"، لذلك في سنة 2008 باشرت في تأسيس مشروعي الخاص وهو "ديمة عمان" لكي يبرز بمنتجات مميزة وذلك بشهادة من يقتنون منتجات "ديمة عمان"، وكان تركيز المشروع منذ البداية على "المجوهرات العمانية".
وتضيف: انه منذ البداية كانت للمشروع رؤية واضحة وسعي للتميز والنجاح ولهذا عندما باشر المشروع العمل لم يكن مجرد تجربة وحسب وإنما وضعت في هذا المشروع كل الطاقات والخبرة التي تم اكتسابها خلال سنوات من العمل كرأس مال حقيقي يمكن أن ينهض به المشروع، فشرعنا في تصميم مقتنيات أخذت صيتها فيما بعد، فمن البداية كانت خطة المشروع أن ينقل اسم "ديمة عمان" للعالمية وعلى ضوء ذلك اعددنا خطة طموحة جدا للوصول لهذا الهدف وبتوفيق من الله استطعنا في فترة وجيزة تحقيقه .. مشيرة إلى أن أول الخطوات في سلم النجاح بالعمل الاستثماري كانت في يناير 2009 حيث قدمت "ديمة عمان" أول علامة عمانية مسجلة في جانب تصميم المجوهرات الراقية وذلك في حفل التدشين ببيت الزبير حيث عرضنا في المعرض الذي نظمه بيت الزبير أول عرض لمجموعة احتوت (160) قطعة من مجوهرات وفي خلال ساعة واحدة فقط من افتتاح المعرض تم بيع 80% من القطع المعروضة، وقد شهد العرض الأول لمنتجاتنا اقبال مشجع مما دعانا الى التفكير في وسائل ابتكارية جديدة ومختلفة.
وأما عن سبب اختيار شادية الإسماعلية لتصميم المجوهرات العمانية كحقل استثماري قالت: أن عمان لديها موروث ملفت من المجوهرات والتصميمات العمانية التقليدية للمرأة على وجه الخصوص وهذه المجوهرات بصيغتها الأصلية كبيرة الحجم ولا تناسب المرأة في العصر الحالي الذي نعيشه نظراً لكون المرأة تحتاج لأشياء أكثر عملية مما يجعل الاتجاه نحو اقتناء المجوهرات البسيطة والأنيقة في نفس الوقت، فأصبحت المرأة العمانية في هذا العصر الحديث لا تستطيع اقتناء وارتداء مثل هذه المجوهرات ذات الحجم الكبير والتي لا تتناسب والعصر المعاش، لذا جاءت الفكرة من مبدأ الحفاظ على تراثنا العريق من المجوهرات النسائية عن طريق المحافظة عليه حتى لا يندثر من خلال "التطوير الحديث والأنيق الجذاب" ولكن باللمسة التراثية ليتناسب مع عصر المرأة الحديث الحالي، ونستخدم في التصميمات الفضة المطلية بالذهب لتكون سهلة في التنظيف، ثم اتجهنا بعد ذلك للذهب الأبيض والذهب الأصفر والأحجار الكريمة كالماس.
تصاميم فريدة
وتوضح شادية الاسماعيلية أن خط الانتاج في مجوهرات ديمة ينقسم لثلاثة خطوط، الخط الأول وهو التراثي الذي قمنا فيه بتوظيف التراث في تصاميمنا بمعنى أننا لا نأخذ "المرية" بشكلها المتكامل في قالب واحد إنما نستوحي خطوطها لتلائم العصر، والخط الثاني هو خط الإسلاميات، ، والخط الثالث هو خط الطبيعة وهو خط يتناول الطبيعة في السلطنة بمختلف تنوعاتها، وأول مجموعة من خط الطبيعة هي "مجموعة النخلة" حيث وظفنا النخلة العمانية في قطع مجوهرات مختلفة "كالجذع" و"السعفة" إن كانت على شكل أساور أو خواتم.
وحول أهمية أن تكون للمصمم رؤيته الخاصة قالت: رؤية المصمم للأشياء من حوله عادة رؤية خاصة تسعى لتوظيف ما حولها من جمال لذا فتصاميم "ديمة عمان" فريدة من نوعها والسبب أن هناك قطع تكون حصرية للزبون ولا تكرر، والقطع التي تصمم تكون محدودة فقط لثلاثة قطع فقط لا تتكرر حتى نضمن التميز للزبون.
وتقول صاحبة مشروع (ديمة عمان" لاقت إشادة وتقدير عالمي فعلى سبيل المثال مجلة "غاليري فوكس" وهي مجلة بريطانية متخصصة في المجوهرات ولها سمعتها في المملكة المتحدة استاذنت لوضع مجوهرات "ديمة عمان" في المجلة، وفي 2013 تم اختيار "ديمة عمان" لتمثيل مصممي الشرق الأوسط في ذكرى الـ(150) لمؤسس سيارات "رولز رزير"، وتم اختيارنا أيضاً لنفس الشركة للذكرى الـ(110) لتصنيع هذه السيارات، وأخيراً فازت المؤسسة بجائزة المرأة للإجادة.
مجوهرات متميزة
وفي سنة 2011 وبعد أن أعجب الكثير من زملائنا بالمجوهرات المتميزة بجودتها طالبونا بتصميم الأواني ولذلك فكرت في التميز في هذا الجانب واستطعت اختيار "أطقم الطعام" والتي تزين الموائد لتكون هي التي تنال اهتمامي بعد تصميم المجوهرات وبرؤيتي الفنية التصميمية دائما وضعت في اعتباري أن أطقم الطعام جزء من الفن على الطاولة والتي تستطيع جذب انتباه الشخص منا وتمنحه الرضا، وإلى الآن عملنا 10 مشاريع لأطقم الطعام وكلها حصرية، والحقيقة بعد إنجازنا لبعض التصاميم تلقينا عرض من دولة الإمارات العربية المتحدة لعرض منتجاتنا ونال العرض إعجابهم وشجعونا كثير من خلال تصميم طقم طعام لقاعة من قاعات المسؤولين في الأمارات، بعدها سافرنا إلى بريطانيا وعرضنا ما لدينا من أطقم طعام والحمد لله خرجنا بتعاقد معهم لتصميم أطقم طعام خاصة للشركة "تومس كود" البريطانية التي تورد الأطقم لأفراد العائلة المالكة في المملكة والمشاهير في العالم، ويكفيني فخراً أن "ديمة عمان" وضعت كعرض على طاولة "تومس كود" وهذا فخر لعمان.
وأشارت إلى انه تم مؤخراً البدء بخط خاص لعمل الهدايا التذكارية وإلى الآن انتهينا من 4 مشاريع.
احتضان مشروعا في مجال التصاميم الداخلية
وقال سمية الغيثية صاحبة مشروع ترانيم للتصميم الداخلي المحتضن حاليا بالمركز الوطني للاعمال: أنشئ المشروع في عام 2011 بجهود القطاع الخاص العماني تماشياً مع اتجاهات النمو هذا القطاع في السلطنة حيث أن هناك توقعات بتحقيق مزيد من التطوير في هذه الصناعة وقد تم احتضان المشروع من قبل المركز كونه يمثل نقطة انطلاق لتطوير الأعمال التجارية فهو يعمل بمثابة الرافد الأساسي لتقديم التسهيلات العينية والخدمات ذات القيمة المضافة كما ويعتبر صرحاً صناعياً مهماً لتعزيز الروابط مع كافة المناطق الصناعية.
وتضيف: أن مشروع ترانيم للتصميمات الداخلية ياتي ضمن 12 مشروعا وطنيا تجاريا رائدا تم احتضانها منذ تأسيسه عام 2012 في إطار خطته لاحتضان العديد من المبادرات الناشئة والمتميزة وذلك يهدف إلى مساندتنا حيث يهدف المركز الى مساندة اصحاب المبادرات والافكار التجارية من خريجي الكليات والجامعات لتطوير هذه الافكار وهذه المشاريع التجارية الى مشاريع تجارية مربحة.
وقالت سمية الغيثي صاحبة مشروع ترانيم للتصميم الداخلية: يهتم قطاع التصميم الداخلي بابراز النواحي الجمالية والفنية للمساكن والمباني والمنشئات الصحية والتعليمية والتجارية اضافة الى الجوانب التقنية والمهنية وهو قطاع ينمو بسرعة في السوق العمانية ويحتاج لاستثمار الفرص التجارية المتاحة والناتجة منه .. مشيرة إلى أن المركز يسعى نحو بناء ثقافة ريادة الاعمال عن طريق التوجيه والتدريب وصقل مهارات ومفاهيم ادارة المشاريع التجارية من النواحي التسويقية والمالية والادارية وخلق شبكات وانظمة ربط بين اصحاب المشاريع في الحاضنة والشركات الكبيرة للاستفادة من فرص العمل والاستثمار الموجودة ورغم ان هذا القطاع لا يزال ينمو ويحتاج لروافد كثيرة بالسوق مثل العمالة الماهرة في قطاع التصميمات الداخلية لتقديم خدمات نوعية وذات جودة الا ان الرعاية التي يقوم بتقديمها المركز للمشروع تسهم في تذليل بعض المعوقات نحو تحقيق رسوخ وتواجد بالسوق .. مؤكدة أن ذوق المجتمع وتطلعاته لتصاميم عالية الجودة يمكن ان تسهم في بناء اتجاه وثقافة يمكن الوثوق بها استثماريا بهذا القطاع.
وتقول سمية الغيثية: ان اجمل انواع المشاريع التي اقوم بها هي التي ابدا فيها التصميم من ورقة بيضاء لاقوم بكل شي من البداية للنهاية واسعى لان يجمع عملي في التصميم بين العمل المتقن والسعر المعقول حيث نقوم بتوفير حلولا للتصميم الداخلي الفاخر للمنازل والمكاتب ومن اجل تلبية الطلب الكبير من العملاء نخطط كمؤسسة نامية في هذا القطاع لزيادة عدد الموظفين وافتتاح معرض جديد في قلب العاصمة مسقط .
وعن دور المركز الوطني معها كصاحبة أعمال تقول سمية: ان المركز عمل منذ الوهلة الاولى على تشجيعها ولا يزال يبذل جهدا جبارا في تقديم الدعم المتواصل للمشروع.
الدعم المتواصل
أما ريان الكلبانية من مزون للخدمات التكنولوجية والبيئية وهي احدي المشاريع المتخرجة من قبل المركز الوطني للاعمال فتقول: تأسست الشركة في عام 2008 لتصبح خلال من تواجدها بالسوق الشريك الذي يثق فيه العملاء في توفير الحلول البيئية وحلول التكنولوجيا الحيوية وحلول الكيمياء البيئية وخدمات التحليل الكيميائي والبيولوجي ونسعى جاهدين لنصبح الاختيار الاول بالسوق في خدمات التكنولوجيا الحيوية والمراقبة في المنطقة وذلك عن طريق خبرتنا في المجال التي تزداد يوما بعد يوم.
وتجدر الاشارة الى ان جميع المشاريع الساعية للحصول على خدمات الاحتضان من قبل المركز تخضع لتقييم أولي من قبل خبراء المركز لتحديد ما إذا كان المشروع متوافقا مع شروط المركز.
حيث يطلب من المشروع المتقدم توفير كافة الوثائق الرسمية للشركة وجميع الوثائق المالية المساندة وكافة المعلومات التعريفية للشركة وإمكانية توسعها مستقبلا في حالة الرغبة بالإستفادة من خدمات الاحتضان المباشر.
ويلتزم اصحاب المشاريع المحتضنة في حالة قبول المرشح بالمركز، بحضور مخيمات الرواد، والإجتماعات الدورية، ومشاركة سير مشروعه مع المركز، وحضور البرامج التدريبية، والتقييد بكافة شروط وأحكام المركز في فترة الاحتضان وما قبل الاحتضان.
وينظر المركز الوطني للاعمال في حالة احتضان المشروع لمدى تفرد فكرة المشروع وابتكارها وقابلية المشروع للتطبيق على أرض الواقع وقدرة المشروع على النمو من حيث الأرباح والموارد البشرية.
ومدى التزام رواد الأعمال من خلال تكريس جهدهم والتزامهم بمشاركة المعلومات بشكل دوري عن مزايا المشروع، وخطة نموه وغيرها من المعلومات المتعلقة بهذا المجال.
ومدى تناسب المشروع مع الموارد المتوفرة في المركز وواحة المعرفة، مسقط، ويتم اختيار الشركات وفقا لمعايير الاختيار التي وضعها المركز، وتكون هذه الشركات في الغالب شركات ناشئة (2-5 سنوات) أو رواد أعمال تم اختيارهم من مرحلة ما قبل الإحتضان. وتحظى الشركات التي يتبناها المركز بالخدمات المكتبية الحصرية، إلى جانب الدعم في الجانب التدريبي والتسويقي، وتصل مدة مرحلة الاحتضان إلى ثلاث سنوات، وتركز برامج التدريب والمتابعة على عدة جوانب مثل التخطيط التجاري، وسياسات تأسيس الشركات، وإدارة الأموال، والتسويق والموارد البشرية فضلا عن فتح المجال أمامهم للحصول على فتح التعاقد مع الشركات الرائدة بالسوق.
كما تحظى الشركات المحتضنة بفرصة حضور جميع الفعاليات وحلقات التواصل والمعارض التي ينظمها المركز أو يشارك فيها.
ويوفر المركز في مرحلة ما بعد الاحتضان الدعم في مجموعة من النقاط متعلقة بالنمو إضافة إلى الحصول على فرص لتصدير منتجاتهم، لذلك يعمل المركز الوطني للأعمال على إعداد برامج متخصصة وإشراك مجموعة من الجهات المعنية مثل هيئة ترويج الإستثمار وتنمية الصادرات لتتيح أمامهم فرص تصدير منتجاتهم.