طالب بن سيف الضباري:
الانتقال من مرحلة إلى أخرى لاشك يتطلب بعض الوقت خاصة إذا ارتبط بإجراءات لها علاقة بالأطر القانونية والتشريعية وتعديل في الضوابط والاجراءات المتبعة ، ومع ان بعض اجهزة الخدمات تسعى جاهدة الى تغيير ثقافة المجتمع نحو الخدمة المقدمة ، من خلال بناء منظومة عمل جديدة تراعي عدم التوفيق في الاداء الخدمي الذي حصل طوال السنوات الماضية والاجتهادات الشخصية التي اصبحت ملزمة للوفاء بها للمجتمع والتي اعتبرت حقا مشروعا طالما حصل عليه البعض وينتظر البعض الاخر الحصول عليه ، ومن تلك الامور المطالبة بالاستمرار في منح الاراضي السكنية بعد ان اعلنت وزارة الاسكان والتخطيط العمراني عن وقف التوزيع في البداية لمزيد من الدراسة بما يتماشي ومع النهج الجديد الذي يتبع ، ثم الاعلان عن توزيع 23 الف قطعه سنويا في كافة محافظات السلطنة ، وجهة نظر الوزارة ان عشوائية التوزيع لما يتوفر من قطع اراض في عدد من المخططات المستحدثة ، لا ولن تخدم تصحيح مسار التخطيط العمراني وانشاء المدن الذكية والتي تعتبر مدينة السلطان قابوس في بداية السبعين نموذجا ثم منطقة شاطيء القرم ، ولو استمر ذلك التوجه منذ تلك اللحظة لاصبحت العاصمة مسقط من المدن عالمية التخطيط العمراني ، لكن غياب التخطيط والنهم المتسارع لدي بعض المتنفذين في امتلاك مساحات شاسعة من الاراضي ، والتركيز على الارض وليس المسكن الصحي والملائم والذي تتوفر فيه المقومات المطلوبة اوقع مسقط في دائرة المجمعات الكرتونية تارة والمخططات الموزعة الخالية من التعمير.
فجديد الاسكان على الرغم من المعوقات التي يمر بها مختلف وينطلق من مفهوم تخطيط عمراني لمدن ذكية قيمة اراضيها السوقية اعلى من تلك الاراضي التي يطالب المجتمع في الحصول عليها ، الا انها تواجه تحديا حقيقيا لم يستوعب حتى الان لسبب رئيسي الا هو الحالة والظروف المعيشية التي يعيشها غالبية افراد المجتمع ، فهو ينظر الى الارض التي سيحصل عليها على انها المخلص او ان لم تكن فهي المساعد لحل مشاكله المالية من ديون والتزامات لدى الغير او توجيه عائدها المالي بعد البيع الى علاج ، وبالتالي فان تغيير هذا المفهوم لدى افراد المجتمع وان كانت قد وضعت الوزارة 50‎%‎ من استراتجيتها في هذا الاتجاه ، الا انها يفترض ان لا تكون الوحيدة في قيادة هذا التغير لان ذلك يتطلب جهدا جماعيا ليس اعلاميا فقط وانما حراك يستشعره المواطن ويسهم اسهاما مباشرا في تحسين وضعه الاجتماعي والمعيشي ، سواء من خلال تقليل كلفة الفواتير التي فرضت عليه او الغاء بعضها او تحسين الاجور او مراجعة الاسعار وكذلك كلفة الخدمات التي تقدم له ، ولنكن واقعيين فإن غياب هذه المفردات بطبيعة الحال تجعله غير قادر اولا على استيعاب هذه التغيرات على المشهد التخطيطي او لا يرغب في ذلك ، وسيظل يشكل هاجسا يؤرق الاجهزة المعنية عبر الادوات التي يستخدمها ويتعاطف معه بواسطتها شريحة كبيرة من داخل وخارج الوطن ، ومع مرور الوقت ان لم يستعجل في ايجاد حلول منطقية سيتحول ذلك الا احتقان مرشح ان ينفجر في اي لحظة.
وهنا نقول ان الخطط والبرامج التي يعمل عليها للارتقاء بالمفهوم التخطيطي للبلد ، لا يختلف اثنان على انها مطلب هام وضروري للمرحلة القادمة ، وان التشخيص الذي قامت به الجهة المعنية للوضع القائم خاصة في مسقط مسلم به ، الا انه كما سبق واشرنا يتصادم مع قناعة المجتمع بان الحصول على قطعة الارض التي ينتظر الحصول عليها منذ سنوات تمثل بالنسبة له هي الاهم ، لذا لابد من دعم الجهة المعنية للاسراع في تحقيق المواءمة بين منح الارض للمنتظرين المستحقين لها والفكر التخطيطي الجديد القادم لانشاء المدن الذكية التي قطع فيه حتى الان شوطا كبيرا سواء من حيث وضع المخططات او مساحات الاراضي التي ستنفذ عليها ومن بينها المساحة المقابلة لقصر البركة ، واعتقد جازما متى ما كانت تلك المخططات واقعا ملموسا وذات قيمة مضافة للمواطن والاقتصاد ، ستتغير تلك النظرة عن تلك الارض في المخطط الذي لا يوجد فيه خدمات الى اخر مكتمل بكل الخدمات.

[email protected]