[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]

صارت جوبر خط نار وحدودا مرسومة بالأسلاك وأكياس الرمل وبالخوف والحسابات العسكرية .. من كان يعتقد أن مشهدا كهذا سيعيشه السوريون ذات يوم، ومن كان يحسب لتلك المنطقة الجميلة في الغوطة أن تتحول إلى خطوط للنار.
هو الفكر الجهنمي الذي لا يتوقف عن إنتاج ذاته، عالم يتنفس حقدا وضغينة لن يتورع أن يجد له الشكل الذي يناسبه ويبدأ بعالم الموت كي ينتهي به .. لم نكن نتوقع أن تتحول جوبر إلى خط للنار وهي على كتف دمشق، ومثلها حرستا ودوما وبقية الأسماء التي دخلت تاريخ العدوان على وطن جميل سيد حر مستقل.
كان موعد الرئيس مع جوبر، وهي أجمل الرسائل التي كتبت في نهاية عام، بل غناها للعام الجديد. أراد الرئيس الأسد أن يقول لمن ينظرون للإرهاب عن بعد أن يفعل فعلا بأن مساحته انتهت .. معارك المصير السورية لن تهدأ .. يعرف الرئيس وهو يصافح مقاتلي جيشه أنهم شباب منتصر، فتلك أرضه، وذاك بلده، والهواء السوري العليل هواؤه. صافحهم الرئيس، قبلهم، اشتم فيهم رائحة مستقبل سوريا، هم وحدهم من يدق بابه بقوة إيمانهم، بتضحياتهم، بقلوبهم العامرة محبة لسوريا .. ليس كمثل الشام من عرفت التاريخ المتكرر للدفاع عن نفسها، عن تلك الأرض الطاهرة التي لو يعرف الأعداء الذين يدعون الإسلام أن الرسول العربي رفض الدخول إليها كي لا يرى الجنة مرتين كما يقول المؤرخون.
الموعد في جوبر، رئيس بزي مقاتل، كان واحدا من أولئك الشجعان الذين يحصنون عاصمة العروبة، ويحمون ديار المحبة للأمة .. كان رمزا يتنقل بين الوحدات العسكرية وهي مشغولة بسهرها على مكان عرضه بطول خارطة الأمة، موقع رسائل كثيرة من بعض العرب الذين ما زال حقدهم الدفين يحرك تاريخهم، ألم يسع أحدهم إلى تربية جيش مؤلف من خمسمئة إرهابي لمنازلة الشام، لقهر العروبة فيها، لتخريبها كما فعل جلاوزة التاريخ ..
ستكون جوبر مقبرة أفكارهم قبل أن تكون مقبرة الإرهاب الذي يدق بابها ولم يفلح، وكان قد فشل في كل مكان، وستظل كل الطرق مقفلة بوجهه، أجمل المشاهد، واسمحوا لنا بالحقيقة، أن تراهم ممدين على الأرض، مقتولين، مبعثرين، لكن الأجمل أن ترى فيهم حقد الحاقدين وقد أصيب في روحه، وفي عقله، وغدا حائرا ماذا يفعل مع جيش العروبة، ومع أملها، مع أبرز قيادتها التاريخية، مع ذلك الصنف من الرجال الذين رسموا البعد القادم لمطلب أمة بكاملها.
أدرك بعض هذا العرب أنه جيل هزيمة حساباته .. غدا سنكتب مثل هذا التاريخ، سيكونون عنوانه، تماما مثلما كتبنا عن هولاكو وجنكيزخان وتيمورلنك والحروب الصليبية والعثمانيين وغيرهم، كلهم ذهبوا وبقيت الشام على عزها تتناسل تاريخ نصرها عليهم جميعا.
فتحية إلى كل جندي سوري كل مجدهم لا يساوي حذاءه العسكري. وإلى الرئيس الذي ألبس الشام عزا ونصرا، كان الموعد في جوبر حوارا مع كل شبر في بلاد قلب العروبة النابض التي هي بلاد الشرفاء صانعي التاريخ الجديد لأمة تنتظر فخر سواعدهم.