بعد إدراجه من اليونسكو ضمن الشخصيات المـــــــؤثرة عالميًا

■ حمد الهمامي: هذا الإدراج يُمثل اهتمامًا بالإرث العلمي للرموز التاريخية والإنسانية
■ محمد الشعيلي: السلطنة قدمت شخصيات أثرت الإنسانية بعطاءاتها وإنجازاتها
■ حبيب الهادي: بن ماجد فارقة تاريخية فـي تأصيل العلوم البحرية وتأسيس قاعدة علمية
■ حميد النوفلي: مخطوطات بن ماجد تحتوي قيمة علمية مهمة فـي فنون الملاحة والفلك
■ أحلام الجهورية: السفينة عنصر مهم فـي الحضارة العمانية حملت الإنسان والأفكار والسلع والبضائع
■ حمود الغيلاني: الإنتاج الفكري والعلمي والثقافـي لابن ماجد يصل لنحو 34 أرجوزة شعرية و53 مؤلفا فـي علوم البحار

مسقط ـ العمانية:
أكّد عددٌ من الأكاديميين والباحثين في التاريخ العُماني أنّ إدراج اليونسكو الملّاح العُماني أحمد بن ماجد في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المُهمة والشخصيات المُؤثرة عالميًا بمناسبة مرور 600 عام على ميلاده يعكسُ الدور العظيم والكبير الذي قام به منذ القِدم في خوض غِمار البحار والمحيطات ناقلًا من عُمان الفكر والدين والتجارة للتواصل مع شعوب العالم وثقافاتها. وقال سعادة السفير الدكتور حمد بن سيف الهمامي مندوب سلطنة عُمان الدائم لدى منظمة اليونسكو في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: (أهنّئ بلادي سلطنة عُمان قيادةً وشعبًا بمناسبة إدراج الملّاح العماني أحمد بن ماجد في برنامج الشخصيات المُؤثرة عالميًا باليونسكو خلال المؤتمر العام للمنظمة، والذي يأتي مُتزامنًا مع احتفالات البلاد بالعيد الوطني الحادي والخمسين).

وأضاف سعادته أنّ هذا الإدراج يأتي اعترافًا بإسهامات هذا الملّاح ونحن نعيشُ الذكرى المئوية لميلاده ويُمثل هذا الإدراج على الصعيد العالمي اهتمامًا بالإرث العلمي للرموز التاريخية والإنسانية الذين ساهموا في إنتاج المعرفة والرقي الحضاري، مُعتبرًا أنّ ذلك يُعدُّ إضافة مُهمة لجهود سلطنة عُمان في مجال التعاون مع منظمة اليونسكو ويُعزز ربط الأجيال بتاريخها الحافل من أجل المضي قُدمًا نحو المستقبل سعيًا لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة. من جانبه قال الباحث والأكاديمي المكرم الدكتور محمد بن حمد الشعيلي عضو مجلس الدولة في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: (سلطنة عُمان ولله الحمد غنية بإرثها الحضاري في مختلف المجالات التي أثرّت فيها الإنسانية بإنجازات أبنائها، خاصة في الجانب البحري بحكم شُهرة العُمانيين الكبيرة في هذا الجانب، عندما اندفع العُمانيون تجاه البحر فاستغلوه خير استغلال، ونجحوا في إقامة شبكة من العلاقات الحضارية مع مختلف الأمم والشعوب). وأضاف: لم تكتفِ سلطنة عُمان بنجاحها في هذا الجانب فقط أو على الصعيد الجماعي، بل إنّها قدمت شخصيات أثرت الإنسانية بعطاءاتها وانجازاتها، ويأتي الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي في مقدمة هؤلاء في التراث البحري العُماني، فما تركته هذه الشخصية العظيمة من إرثٍ تجاوز أهميته الجانب المحلي ليصل للعالمية ولتستفيد منه الإنسانية أجمع حتى يومنا هذا. من جانبه قال حبيب بن مرهون الهادي الباحث في التاريخ العُماني: (أحمد بن ماجد يُعدُّ ظاهرة علمية برزت في القرن التاسع الهجري/ ‏‏الخامس عشر الميلادي في عُمان، تلك الفترة الزمنية التي قل فيها ظهور علماء العلوم الطبيعية في الجزيرة العربية خاصة وفي العالم الإسلامي عامة حتى لقب بأسد البحار ومعلم بحر الهند وغيرها من الألقاب الدالة على منزلته العلمية). وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية أنّ هذه الشخصية جاءت لتسدُ ثغرة علمية كانت حاضرة منذ فترة طويلة في العلوم البحرية، رغم أن سلطنة عُمان بلاد الملاحة والسفن منذ أكثر من 7000 سنة إلا أن أحمد بن ماجد يُعدُّ فارقة تاريخية مفصلية في تأصيل العلوم البحرية وتأسيس قاعدة علمية ظلت تدرس في أصقاع الأرض، مشيرا إلى أنّ أحمد بن ماجد يُعدُّ شخصية عالمية مؤثرة في التراث الإنساني وإنجازاته خالدة.

في سياق مُتصل يؤكّد الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير دائرة قطاع الثقافة في اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة لوكالة الأنباء العُمانية أنّ العُمق الوطني الكبير الذي يُشكله الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي كأحد الرموز المهمة في تاريخ عُمان وفي الوجدان الجمعي للعُمانيين لا يخفى على أحد؛ فهو بلا شك أيقونة خالدة في السياق الحضاري العُماني منذ ستة قرون إلى يومنا هذا. وقال: (إذا ذُكِرت الملّاحةُ البحرية وما يتعلق بها من علوم وفنون ذكر ابن ماجد، وكذا الحال في التواصل بين العُمانيين وغيرهم من الشعوب مُضيفًا أنه لنكون أكثر إنصافًا لهذه الشخصية الفذة؛ فآثاره العلمية المتوزعة على كبريات مكتبات العالم؛ إذ تحتضنُ المكتبات الوطنية في لندن وباريس وبطرسبورج وغيرها أنفس مخطوطات هذا الملاح العُماني بما تحتويه من قيمة علمية مهمة في فنون الملاحة والفلك والجغرافيا والبيئة.

من جانبها أكّدت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية باحثة وكاتبة في التاريخ، وعضو مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية أنّ إدراج الملّاح العُماني أحمد بن ماجد في قائمة الشخصيات المؤثرة عالميًا لليونسكو يُشكل اعترافًا رسميًا بعُمانية هذه الشخصية، وتعزيزًا أكثر لتخليد هذه الشخصية العُمانية كشخصية مؤثرة في التاريخ الإنساني؛ لما قدمته من معارف وخبرات وتجارب أسهمت إسهامًا إيجابيًا في مسيرة الحضارة الإنسانية. وقالت في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: (أن أحمد بن ماجد هو رمز خالد في الذاكرة الوطنية لعُمان التي قدمت الكثير للحضارة الإنسانية قيمًا وإنتاجًا معرفيًا وشخصيات أضافت الكثير لروح هذه الحضارة، فهذه الشخصية العُمانية السادسة التي تُدرج في القائمة؛ ولهذا أهمية كبيرة تكمنُ في التقدير الدولي لإسهامات الحضارة العُمانية المتنوعة في مجالاتها وحقبها التاريخية، وبأبعادها الحضارية والإنسانية المختلفة. وقالت: (أمير البحر العُماني أحمد بن ماجد يُعدُّ رمزًا من رموز التاريخ البحري العُماني، والذي أعاد للأذهان مجددًا ودائمًا أنّ العُمانيين أسيادُ البحار، فالحضارة العُمانية قامت بدورها من خلال الكثير من الأدوات وكانت السفينة عنصرًا مهمًا كونها وسيلة حملت الإنسان والأفكار والسلع والبضائع، وشكلت ثلاثية في التاريخ العُماني: السفينة، السلع (معنوية ومادية)، الموانئ”. وذكر حمود بن حمد الغيلاني مؤرخ وخبير بالتاريخ العُماني أنّ الربابنة العُمانيين تركوا بصمتهم الواضحة والجليلة في مجال العلوم البحرية في عددها وتنوّع علومها، التي ارتبطت بالمهارة والتجريب، ولم تعتمد الجانب النظري فقط، مما زاد في إثراء العلوم البحرية في مجال الملاحة الفلكية.

وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: (أسد البحار والمعلم الأول الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي يُعد رمزًا تاريخيًا وعلميًا وثقافيًا عُمانيًا في تاريخ العلوم البحرية، ورغم مرور ستة قرون على ميلاده إلا أنه لا زال على ذاكرة الملّاحين العُمانيين بما قدمه لهم من علم ساعدهم في رحلاتهم البحرية ومواجهة الأخطار والصعاب. وذكر أنّ الإنتاج الفكري والعلمي والثقافي للملاح العُماني أسد البحار أحمد بن ماجد السعدي الذي يصل لنحو أربع وثلاثين أرجوزة شعرية والعديد من الكتب التي من أشهرها “الفوائد في أصول علم البحر والقواعد”، إضافة إلى مخترعاته واكتشافاته كوضعه للإبرة المغناطيسية، والخشبات الثلاث وألّف نحو 53 مؤلفًا في علوم البحار تمثلُ إسهاماته العملية والنظرية في علم البحار، إضافة إلى إسهاماته النظرية، حيث وضع قواعد ودستورًا للملاحة بأركانها الثلاثة.

وُلِد شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدي ( 825 ـ 906هـ /‏‏1421 ـ 1500م ) عالم الملاحة العربي العُماني، في جلفار، وتلقى تعليمه الأول على يد والده ماجد بن محمد السعدي، الذي كان ربانًا بحريًّا مرموقًا، وعُرف أحمد بن ماجد بأنه من أشهر الملاحين في المحيط الهندي، ومن علماء فن الملاحة وتاريخه عند العرب، إذ اخترع الإبرة المغناطيسية (البوصلة) المستعملة في تحديد اتجاهات الرحلات البحرية. وترك الملّاح أحمد بن ماجد آثارًا علمية عديدة في علوم البحار جاوزت (40) كتابًا ومنظومة، أهمها: الأرجوزة التائية، والأرجوزة السفالية، والأرجوزة المعلقية، وأرجوزة تصنيف قبلة الإسلام في جميع الدنيا، وأرجوزة “حاوية الاختصار في أصول علم البحار”، والنونية الكبرى. ومن أشهر مؤلفاته كذلك كتاب” الفوائد في أصول علم البحر والقواعد”، فقد صنفه سنة (880- 895 هـ/‏‏1475- 1490م) في أواخر عمره، ومن ألقابه شهاب الدين وأسد البحار، وكان محل اهتمام المستشرقين أمثال المستشرق الفرنسي غبريال فران (1925م)، والمستشرق الإنجليزي جيرالد تبتس (1970م) وغيرهما، لما له من معرفة كبيرة في كل ما يتعلق بصناعة السفن والبوصلة وصفات الربان ومعرفة البلدان وتاريخها ومواعيد السفر إليها، وغيرها.

وكانت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات أشارت في وقت سابق أنّ إدراج الملّاح العُماني أحمد بن ماجد السعدي في برنامج الاحتفال بذكرى الأحداث التاريخية المُهمة والشخصيات المؤثرة عالميًا يُعدُّ إنجازًا واستذكارًا بإسهاماته في مجال الملّاحة البحرية. وأضافت أنّ مُنتسبي القطاع البحري وجميع البحَّارة العمانيين فخورون بهذا الإعلان، وستواصل الوزارة ممثلة بقسم شؤون البحَّارة بالمديرية العامة للشؤون البحرية ترسيخ التاريخ البحري العُماني والشخصيات العُمانية العالمية كالملّاح العُماني أحمد بن ماجد عبر دعم البحَّارة العُمانيين من خلال عدد من الخدمات مثل إصدار وثيقة هوية البحَّار وشهادة الكفاءة البحرية وشهادة الأهلية البحرية للبحَّارة العُمانيين بالإضافة إلى التدريب النوعي والاختبارات لتمكينهم للعمل في السفن العُمانية والأجنبية. وأشارت الوزارة إلى أنّ عدد البحَّارة العُمانيين بلغ أكثر من (٢٠٠٠) بحَّار في مختلف التخصَّصات البحرية، كما بلغ عدد الوثائق البحرية الصادرة من هذه الوزارة للبحَّارة العُمانيين أكثر من (٢٠٠٠) وثيقة. ورغبة من وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات في جعل العمل البحري أكثر جاذبية للبحّارة العُمانيين فقد عملت بالتنسيق مع وزارة العمل الانضمام إلى الاتفاقية الدولية للعمل البحري لعام ٢٠٠٦م بموجب المرسوم السلطاني رقم٢٠٢١/‏‏٦٢ حيث حددت هذه الاتفاقية كافة التزامات البحَّارة بالإضافة إلى ضمان حقوقهم.