أ.د. محمد الدعمي:
أبذل جهدي اليوم من أجل قياس البون بين "النهضة العُمانية"، من ناحية، وبين "روح النهضة العُمانية": فإذا ما كانت "النهضة" الأصل حدثًا تاريخيًّا سطّره العمانيون في سجل التاريخ، فإن الذي حدث (من الناحية العملية) هو أن هذا الشعب المبدع قد استخلص من "النهضة" روحها نهجًا للتواصل والديمومة. وإذا كانت الروح أقرب إلى طاقة لا محدودة باعتبار أنها "لا تفنى ولا تخلق من العدم"، فإن بقاء النهضة الحقة مناط ببقاء روحها. وهنا يكمن سر الاحتفاء بالنهضة العُمانية، ذلك أن الحدث يطوى في سجل التاريخ لتتوالى الأحداث تترى بعده، بيد أن روح الحدث تتجاوزه، إذ يتم استثمار اللفظ لاستخلاص أبعاد ودلالات واسعة وعميقة منه، وهي دلالات وأبعاد لا تفقد سحرها وفاعليتها مع تقادم الزمن، بل هي دلالات دائمة الحضور قابلة على للتجدد والديمومة مع بقاء سواعد العُمانيين السمراء وهي تدوّر عجلة الحياة في قطاعات العمل والصناعة والزراعة والتجارة، كما كانت أرض عُمان المعطاء عبر الزمن وطوال الحقب الماضية (على تقلبها).
والحق، فإن للمرء أن يغبط العُمانيين على ما يرفلون به من عز وكرامة وسعادة بفضل التناغم التاريخي النادر بين القائد البطولي، من ناحية، وبين الشعب البطولي، من الناحية المقابلة، وهي الحال التي ما عادت من دواعي افتخارنا بالنموذج العُماني فقط، بل بقيت من دواعي إعجاب وتقدير شعوب ودول العالم أجمع، كما تعكس مؤشرات الرأي العام الدولي ذلك على نحو دقيق لا ريب فيه.
هذا هو الجوهر الذي جعل من السلطنة الزاهرة أملًا ترنو القلوب إليه، كما تتطلع العقول إلى حكمته وتوازنه المثالي الذي لا يسمح بالزلل أو بالسهو (حتى وإن كان غير مقصودا).
إن ثمار النهضة العُمانية المتجسدة في الصناعة والزراعة والتجارة وفي ارتفاع متوسط دخل الفرد العُماني إنما تستأثر بإعجاب وتقدير الجميع من أهلنا في عُمان، ناهيك عن إعجابنا وتوثبنا عبر الوطن العربي لاتباع خطى السلطنة مذ أطلق المغفور له بإذن الله تعالى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد (رحمة الله على روحه الطيبة) هذه النهضة العظيمة، حتى أدام حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق (حفظه الله ورعاه) النهضة وعجل من عزمها كي ترتقي بنفسها إلى رؤاه الواسعة لمستقبل السلطنة الواعد.