ناصر بن سالم اليحمدي:
منذ مطلع شهر نوفمبر ونسائم الوطنية تهل على وطننا الحبيب لما يحمله هذا الشهر من ذكرى عظيمة توقظ في نفوس العُمانيين الإحساس بالولاء والوفاء لبلدنا المعطاء، وهي ذكرى العيد الوطني المجيد.. ففي ذلك اليوم نشرت شمس النهضة المباركة أشعتها الذهبية على كل ركن بالبلاد، وغيرت صورتها القديمة المتهالكة لترسم صورة عصرية تكافئ أرقى صور الدول التنموية الحديثة.
الأجمل في هذا الشهر والذي يجعله شهرا استثنائيا بمعنى الكلمة أنه منذ بدايته والقرارات التي تسهم في رسم الفرحة في قلوب المواطنين تتوالى. فعلى سبيل المثال لا الحصر، التوجيهات السامية من لدن القائد الفذ والأب الحكيم بترقية أكثر من 28 ألف موظف بوحدات الجهاز الإداري للدولة، وتثبيت أسعار وقود المركبات عند مستوى أكتوبر 2021م بحيث تتكفل الحكومة بالفروقات الناتجة، وإنشاء وحدة مستقلة تتبع جلالته لقياس أداء المؤسسات الحكومية ليتتبع بصفة شخصية مدى كفاءتها وبما يضمن استمراريتها.. كذلك ألغى جلالته ـ أعزَّه الله ـ حزمة من الرسوم المفروضة في خطوة تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الوطني.. هذا إلى جانب انخفاض معدلات الإصابة والوفاة بفيروس كورونا وغير ذلك من التدابير والأخبار والفعاليات والأنشطة التي تؤكد على أن مصلحة الشعب الوفي فوق كل اعتبار، وأننا نسير نحو المستقبل المأمول بخطى ثابتة وواثقة وراسخة رسوخ الجبال.
إن عيدنا الوطني حينما يحل كل عام يحرص كل مواطن ومواطنة على أن يكون لديه وقفة يراجع فيها ما تحقق من إنجازات طوال العام السابق وما واجهه من تحديات.. لينظر كيف يعمل على تنمية المكتسبات ومواجهة التحديات فيمضي نحو المستقبل وفق رؤية واضحة صائبة تدفعه نحو التقدم والنماء.. ونحن نحتفل هذا العام بعيدنا الوطني الحادي والخمسين نرصد استقرارا وأمنا وأمانا ونهضة شاملة تحققت في جميع المجالات سواء على المستوى المحلي أو الخارجي.
والعام الماضي رغم أن التحديات كانت فيه كثيرة جدا واعتقد البعض أن التدابير التي اتخذتها الحكومة كانت قاسية بعض الشيء، لا سيما أنه كان ينظر إليها من زاوية المصلحة الشخصية الفردية الضيقة.. إلا أن الأيام أثبتت أنها فترة مؤقتة وضرورية لتحسين الاقتصاد الوطني في ظل التحديات الكثيرة التي كانت تواجهه والآمال العريضة التي تحملها القيادة الحكيمة للخطط المستقبلية، فكان لا بُدَّ من مواجهتها باتخاذ بعض الإجراءات المُرة، ولكن نحمد الله أننا بدأنا نجني ثمارها الحلوة الطيبة، وهو ما يثبت نفاذ البصر والبصيرة لدى قائدنا المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وحكمته المستفيضة وأن مصلحة الوطن لدى جلالته فوق الجميع وأنه رجل أفعال لا أقوال.
لا شك أن المرحلة التي يمر بها الوطن تحتاج إلى تماسك الشعب الوفي وولائه أكثر من السابق حتى تستمر مسيرة النهضة المتجددة، وإلى ترسيخ مبدأ الوحدة الوطنية وبث روح التكافل والتضامن مع التمسك بالهوية الأصيلة.. ونحن على يقين بأن الأبناء الأوفياء على قدر المسؤولية، وسيظلون كما عهدناهم دائما على قلب رجل واحد.. تجمعهم وحدة الكلمة والهدف والمصير ويتمسكون بنفس الحلم والأمل في تحقيق مستقبل مشرق للأجيال القادمة.. فالجيل السابق الذي شهد بدايات النهضة تحمّل الكثير من أجل أن نجني نحن ثمارها الطيبة، وها نحن بدورنا نتحمّل أيضا من أجل أن ينعم أبناؤنا بخيرات بلادنا.
الشيء الجميل أنه كلما زادت التحديات والعقبات التي تقف حجر عثرة في طريق نهضتنا الشامخة، زادت صلابة العُمانيين وعزمهم نحو بلوغ الأهداف العليا وتحقيق النجاح والتنمية المستدامة المنشودة.. خصوصا أنهم يسيرون خلف قائد حكيم وضع الرؤية الواضحة وحدد الهدف بدقة وسار نحوه بثقة مواكبا المعطيات الحضارية وراعى في ذات الوقت القِيَم والمبادئ الأصيلة فلحق بركب التقدم وحافظ على الهُوية العُمانية المميزة.
إن درب النهضة والتقدم طويل ولا يتحصل الإنسان على جل أمانيه بين ليلة وضحاها، بل بالصبر والمثابرة والجد والإخلاص يتحقق له ما يتمنى، ولكن عليه أن يؤمن بما يعمله ويتسلح دائما بالولاء والانتماء، وأن يثق بأن مبادئ دولته لا تتغير ولا تتجزأ.. فلطالما كان المواطن هو المحور الرئيسي الذي تدور في فلكه كل أهداف التنمية وسيظل كذلك والدليل ما تحقق حتى الآن من إنجازات عظيمة تشرئب لها الأعناق وتشهد على أن أحوالنا في تحسن مستمر.
لا شك أن الحفاظ على النجاح لا يقل صعوبة عن تحقيق النجاح نفسه.. فما جنيناه من منجزات إنما تحقق بالعرق والجهد والتعب المضني ومواصلة الليل بالنهار في البناء والتعمير والارتقاء بالبلاد نحو المعالي.. وهكذا يجب أن يكون ديدن الأجيال الحالية والقادمة الذين لا تقل مسؤوليتهم عن آبائهم وأجدادهم في مواصلة البناء وتطوير المنجزات بصفة مستمرة حتى تواكب المتغيرات التي تطرأ على المجتمع الدولي وتلقي بظلالها على الداخل والخارج في بلادنا.. وذكرى العيد الوطني المجيد لا يجب أن تمر هذا العام مرور الكرام ويقتصر الاحتفال بها على الأهازيج والمسيرات وغيرها من مظاهر التعبير عن الفرحة.. بل يجب أن تكون لنا دافعا لمواصلة مسيرة النجاح.
ونحن نعيش فرحة الذكرى الغالية نرفع أسمى آيات التبريكات ونرسل أرق التهاني للوطن الغالي والمقام السامي للقيادة الحكيمة والشعب الوفي وكل المحبين.. ونعاهد جلالته ـ أيَّده الله ـ بمواصلة العمل على الإسهام في مسيرة النهضة المتجددة.. داعين المولى سبحانه وتعالى أن يظل وطننا نبض القلوب ومنبع العطاء وترتفع رايته فوق هام السحب.. وأن يمنح جلالة السلطان المفدى العمر المديد ووافر الصحة والعافية، ويسدد على طريق التوفيق والنجاح خطاه.. إنه نعم المولى ونعم المجيب.