د. أحمد بن سالم باتميرا:
18 نوفمبر من كل عام، فرحة وطني الكبير، سلطنة عُمان، فرحة عارمة ومتجددة ليوم خالد وعظيم، دشَّن مسيرة مباركة نقلت بلادنا إلى دولة عصرية متقدمة على كافة الأصعدة والمستويات داخليا وخارجيا.
ففرحة الاحتفال بالعيد الوطني الحادي والخمسين المجيد، لا يضاهيها أي احتفال؛ لأن ما تجسد على أرض الواقع خلال الأعوام الماضية من عمر النهضة العمانية الحديثة والمتجددة أيضا يجعلنا نتفاءل بأن الخير قادم، وأن رؤية جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بنقل البلاد إلى وطن ينعم بالخيرات ويحقق الازدهار، ويتجاوز كل الصعاب والتحديات، وتحقيق رؤية عُمان 2040 هي السبيل الأفضل لتحقيق أهداف المرحلة القادمة.
إنها ذكرى عظيمة راسخة في الوجدان، تجسد وحدة وترابط وتلاحم وحب الشعب العماني الأصيل من الشمال حتى الجنوب لوطنه وسلطانه، وبالأمس القريب ضرب هذا الشعب أروع الأمثلة في الوفاء والتكافل والترابط والإيمان بوحدة المصير، وهو ما تجسد في "هبَّة عُمان" خلال الأنواء المناخية ـ شاهين ـ والتي حملت كل معاني الحب، في ملحمة وطنية عظيمة رسخت على أرض الواقع بفضل السياسة الحكيمة لقادة هذا البلد العريق.
فجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم منذ توليه مقاليد الحكم يقود السفينة باقتدار من خلال الحرص على تحقيق التوازن بين متطلبات المرحلة الراهنة وقراءة واستشراف المستقبل، والعمل على تجاوز الأزمة المالية وآثار جائحة كورونا، واليوم بعد رفع التصنيف الائتماني وتقليل الدَّين العام من جهة، وإعادة جدولة القروض وتخفيض بعض الرسوم والحراك لجذب رجال الأعمال والاستثمار وتنشيط الاقتصاد من جهة أخرى، هي كلها بشائر خير للمرحلة القادمة، وتتطلب منا جميعا التكاتف والتعاون بين الحكومة والمجتمع وممثليه في مجلس عُمان لوضع خريطة طريق متوازنة لمستقبل عُمان دون ضرر أو ضرار على المواطن والمقيم.
ولتحقيق الرخاء وتجاوز العقبات ولتنفيذ رؤيتنا المستقبلية عُمان 2040، فإننا في حاجة ماسَّة وجادَّة لتنويع مصادر الدخل غير النفطية، وفتح آفاق التجارة والأسواق مع الآخرين، والإسراع في إجراء مزيد من الإصلاحات الاقتصادية والاستثمارية من خلال طرح التسهيلات والقرارات التي تخدم هذه المرحلة الراهنة لنجني ثمارها سريعا من خلال خطط ملموسة.
لذا فإن فتح البلد أمام الأشقاء والأصدقاء الجادين وتقديم التسهيلات لهم، فالسوق المحلي يحتاج التركيز على سبل دفعه وتفعيله من خلال تنشيط سوق العمل، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والانتقال من الاتفاقيات والبروتوكولات الإعلامية إلى التجسيد الواقعي والمثمر على نحو يحقق مصالح عملية.
فبلادنا مهيأة لاستقطاب رجال الأعمال والمستثمرين، ومهيأة لتكون دولة سياحية متميزة، ومهيأة لتكون الأولى في إعادة التدوير والتصدير، ومهيأة لتكون مصدر الكثير من المعادن والإسمنت والحديد والجبس وغيرها، فعلى الحكومة الإجادة والعمل من أجل تحقيق تطلعات جلالة السلطان المعظم لوضع السلطنة في مصاف الدول المتقدمة اقتصاديا وتعليميا وصحيا وسياحيا وزراعيا، مع تمكين المرأة والشباب من أخذ فرصتهم الكاملة في المجتمع.
إن سلطنة عُمان تقف اليوم وطنا شامخا، وشعبا معتزا وفخورا بما تم إنجازه على امتداد السنوات الماضية، ويمتلك شغفا شديدا وحبا كبيرا لسلطانه ووطنه، وإذا كانت الشعوب تتخذ من أعيادها وأيامها الوطنية وقفة تستعرض فيها إنجازاتها وتشحذ هممها وتعيد النظر في بعض جوانب مسيرتها، فإن الشعب العماني يأمل أن تعود الحياة لطبيعتها وتتلاشى كل المعوقات، وأن يكون التوظيف مرحلة أساسية ومهمة من خلال الخطط الموضوعة والأهداف والأولويات التي حددتها الحكومة.
لذا فرحتنا كبيرة بالعيد الوطني المجيد الحادي والخمسين، وفرحتنا أكبر لأننا سائرون في طريق التقدم والتجديد، فعلينا أن ننظر للأمام بتفاؤل ولا نقارن مع الآخرين، وإذا استغللنا مقوِّماتنا وثرواتنا وإرثنا الحضاري العريق ومكَّناها فسيضعنا ذلك على الطريق الصحيح.
فما أحوجنا في هذا الشهر النوفمبري السعيد إلى إعادة النظر في بعض القرارات منها ـ على سبيل المثال ـ تسعيرة الكهرباء والماء، وتثبيت سعر تعبئة الوقود عند حد نأمل ألا يتجاوز 200 بيسة مثلا، وغيرها من القرارات التي كانت لخدمة متطلبات ظرف معيَّن، فالتوازن المالي قد لا يحتاج النجاح في تحقيقه الأخذ بتطبيق كل هذه القرارات، خصوصا وأن التخفيف عن كاهل المواطن يتطلب ضرورة التفكير خارج الصندوق من خلال الرسوم والضرائب غير المباشرة، ومن خلال فتح الأسواق والتجارة الخارجية وجلب الأيدي العاملة وغيرها مما يعلمه خبراء المال والاقتصاد.
وبلا أدنى شك، مررنا خلال الفترة الماضية بتحديات متعددة، أثرت كثيرا على الاقتصاد والحركة التجارية والحالة الاجتماعية، واليوم تدريجيا بدأت الحياة تعود رويدا رويدا، وجلالة السلطان المعظم بخبرته ومتابعته وقراءته واستشرافه للمستقبل سيجعل من هذا الوطن ساحة أمان ورخاء وازدهار، وسيكون له بصمة خاصة سيذكرها التاريخ العماني.
فالمسيرة مستمرة من الباني المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس ـ طيَّب الله ثراه ـ إلى خير خلف جلالة السلطان هيثم ـ أعزَّه الله ـ منذ الحادي عشر من يناير 2020م، الذي أخذ على عاتقه وأعلن عن مواصلة مسيرة البناء رغم كل التحديات؛ لأن غدا سيكون الوضع أفضل بكثير بإذن الله تعالى.
فتحية إجلال وتقدير لقائد النهضة العمانية المتجددة في هذا اليوم الميمون الثامن عشر من نوفمبر المجيد، ونرفع لكم مولاي السلطان أسمى آيات التهاني والتبريكات لجلالتكم، متضرعين إلى العلي القدير أن يحفظكم بعَيْن رعايته وكريم عطفه وعنايته.. وأن يلبسكم ثوب الصحة والعافية، وأن يمدكم بعمر من عنده إنه هو السميع المجيب.. آمين يا رب العالمين.. فنحن معكم وخلف قيادتكم سائرون وداعمون. فسقف طموحاتنا يتجاوز ما تحقق حتى الآن.. والله من وراء القصد.