يعمد بعض المسئولين في الحكومة اذا ما اسند إليهم تنفيذ امر ما الى التطبيق الحرفي له دون إمعان العقل والتفكير فيما سوف يترتب على ذلك من تبعات إدارية اذا لم يحسنوا التصرف والتعاطي معه من كافة الجوانب، خاصة اذا ما تعلق الأمر بمشروع تشترك فيه أكثر من جهة صحيح تتفق في التخصص وتتلاقى في المسارات الا أنها تختلف في التوجهات والفكر والإداري وحجم الأدوات التي تستخدمها في تنفيذ الأنشطة والبرامج، فالشراكة في غرفة بين بعض الطلبة على سبيل المثال تختلف اختلافا كليا عن الشراكة في مبنى مكون من عدة طوابق مثل مبنى الجمعيات الثلاث دون ان تكون لهذا المبنى أسس تساعد على ضمان نجاح الشراكة في بعض المرافق، وذلك بطبيعة الحال يتطلب قراءة متأنية لكافة الأبعاد التنظيمية والتوزيع العادل بين المشتركين في المبنى.
فهناك في اعتقادي أكثر من طريقة لفهم مصطلح مقر مشترك لو أرادت الجهة المعنية تطبيقه سواء من خلال تخصيص طابق لكل جمعية بعداد كهرباء ومياه وخزان منفصل او بناء مبان على شكل فلل يحيط بها سور تتوسطها مرافق عامة مشتركة مثل المسرح وقاعات للاجتماعات والمكتبة بعداد منفصل. وهذا للأسف الشديد ما عجز عنه المسئولون بوزارة التنمية الاجتماعية منذ اللحظة الأولى التي تلقوا فيها الأمر السامي بإنشاء مبنى مشترك لجمعيات الصحفيين والسينمائيين والكتاب والأدباء، على الرغم من التحفظ الذي أبدته جمعية الصحفيين لما سوف يؤول عليه الحال بعد الانتهاء منه بالفكر الذي فهمه المسئولون بالوزارة.
ان الفكرة العامة للمبنى ان يضم بين جنباته جمعيات ثلاث فآلية ذلك الضم كان من المفترض ان لا يفهم بالمطلق على انه مخصص لعائلة أبيها وأمها واحد، بل لمؤسسات مجتمع مدني ليس لديها القدرة وهي في بداية مشوارها المهني على تحمل تبعات تأمين الخدمات الأساسية له فهي محدودة الإمكانيات الإدارية والمالية، وبالتالي فان أول خلاف حول المبنى قبل التسليم كان على التقسيم، فعلى الرغم من طوابقه الثلاثة فإن نتيجة الفهم الضيق للمشترك وضعت جمعيتان في طابق واحد، ولما اشتد الخلاف رفعت الوزارة يدها عن الموضوع ولم تسع الى ايجاد الحل للخروج من هذا المأزق وتركت الأمر عائما لعدة شهور لولا مساعي الجمعيات وتحرك بعض الجهات وجهد شخصي من احداها لايجاد حل يرضي به كل الأطراف، فبدل من ان تحرص الوزارة على تعزيز هذا الحل من خلال المساهمة في معالجة الجوانب الأخرى المشتركة، أخذت موقفا مغايرا وتخلت عن دورها في دعم الجمعيات الثلاث الموجودة في المبنى المخصص للجمعيات والمسجل باسم الوزارة على الأقل فنيا ولوجستيا وأولها فصل عداد الكهرباء المشترك بين الجمعيات وتأمين خدمات تضمن استمرار تفعيل هذه المكرمة وهذا المعلم الثقافي الذي يضم بين جنباته من يتولون إدارة السلطة الرابعة.
وبعيدا عن قضية المسرح وسلبية المسئولين في الوزارة اتجاه هذا الملف وسلسلة الأعطال في المبنى فضلا عن الموانع التي لا تزال حتى الآن تغلق الأبواب او المداخل الرئيسية واجتهاد الجمعيات الذاتي باستحداث مدخل ومخرج لا يوجد في خارطة المبنى، فضلا عن مياه الصرف الصحي التي أصبحت الرائحة التي تستقبل فيها الجمعيات زائريها، فهل من المعقول بأن يكون للمبنى عداد كهرباء واحد ظل على مدى أكثر من عام ونصف يحسب استهلاك المبنى دون معرفة من استهلك أكثر من الآخر حتى تطالب الجمعيات في إجراء مفاجئ بدفع حوالي 20 ألف ريال عماني، بعد صمت دام طوال هذه الفترة من الوزارة؟ أوليس ذلك إهمالا يستحق الوقوف عليه ومحاسبة المتسبب سواء من الوزارة او شركة الكهرباء اللتين تباطأتا في العلاج واتفقتا في القطع ومطالبة الجمعيات بالمبلغ لإعادة التيار مرة أخرى؟. ومع ان الجمعيات المشتركة في المبنى وفي ظل هذا الإهمال او التأخير بفصل العدادات المطالب به منذ فترة غير ملزمة بدفع الالتزام المالي على هذا القطع، الا ان تقديرها للمكرمة السامية بأن تظل مستمرة بالنشاط والحركة دفع جمعيتين منها وهما الصحفيين والكتاب والأدباء بتحمل الدفعة الأولى من المبلغ.
والسؤال المطروح هنا إلا تعد تلك الأعباء التي تتحملها الجمعيات نتيجة ذلك الفهم الضيق من مسئولي الوزارة للأمر السامي ببناء مقر مشترك للجمعيات الثلاث من مسؤولية الوزارة؟ اوليس من الأجدر من هؤلاء المسئولين تحمل ذلك والإسراع في تصحيح الخطأ وتسليم الجمعيات مبنى فيه استقلالية مقر خاص لكل منها ومرافق مشتركة تستطيع إدارتها وفق رؤية واضحة بعيدة عن الصراعات والتجاذبات الحالية؟ فاذا كانت قد عجزت عن الفصل في مبنى لثلاث جمعيات فكيف سيكون الحال وهي تعمل حاليا على انشاء مبنى مشترك يضم حوالي اكثر من 12 جمعية مهنية.

طالب بن سيف الضباري
[email protected]