هيثم العايدي:
يمثل دخول السلطنة عامها الـ52 للنهضة المتجددة منطلقا نحو معاودة معدلات النمو الاقتصادي، والمضي قدما في التنويع وجذب الاستثمارات، وذلك على قاعدة من الاستدامة المالية تم إرساؤها خلال العامين الماضيين رغم الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة انتشار فيروس كورونا ومن قبلها انخفاض أسعار النفط.
وما أوجد قاعدة للاستدامة هو القرارات "الوسطية" التي تم اتخاذها أثناء فترة الجائحة والتي راعت التوفيق بين إجراءات احترازية للحفاظ على الحياة والصحة ولعدم الضغط على المنظومة الصحية من ناحية وضمان استمرارية الأنشطة الاقتصادية قدر الإمكان بما يحافظ على استمرار عمل المؤسسات وتوفير احتياجات المستهلكين، وذلك على الرغم من التأثيرات التي طالت قطاعات الأعمال بمختلف أنواعها.
وفي إطار التعامل مع الآثار الاقتصادية تم اتخاذ عدد من القرارات للتخفيف من آثار وتداعيات الجائحة على المؤسسات والشركات بمختلف مستوياتها والتي من بينها الإعفاءات من الغرامات وإعفاءات خاصة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وحزمة الإجراءات والحوافز للمقترضين الأفراد والمؤسسات من المصارف وشركات التمويل والتأجير التمويلي.
ومن خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 – 2024) نجحت السلطنة في التعامل مع الدّين العام والعمل على الاستدامة المالية، لتنطلق الخطة الخمسية العاشرة (2021 – 2025) والتي تعد الخطة التنفيذية الأولى للرؤية المستقبلية "عُمان 2040" والساعية إلى "تحفيز النّشاط الاقتصادي وتطوير بيئة الاقتصاد الكلي ورفع كفاءة إدارة المالية العامة والسياسات المالية التوسعية لتحقيق معدلات نمو مستدامة، وتحفيز الاستثمار الخاص وتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات الاستراتيجية الكبرى ومشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وجذب مزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر.
وتأتي خطة التحفيز الاقتصادي التي اعتمدها مجلس الوزراء في مارس الماضي لتعمل على تحقيق هذه الغايات وتسريع التعافي بعد آثار الجائحة، وذلك من خلال الحوافز المتعلقة بالضرائب والرسوم والحوافز محسّنة لبيئة الأعمال والاستثمار، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وحوافز لسوق العمل والتشغيل وحوافز مصرفية.
ومما يؤشر على المضي قدما في تحقيق هذه الغايات المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي حققتها السلطنة والتي منها ارتفاع إجمالي الإيرادات بنسبة 6 ر22% والانخفاض في العجز بـ58% حتى نهاية سبتمبر الماضي؛ ليضاف إلى ذلك توقعات صندوق النقد الدولي تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بحوالي 2.5% في هذا العام و4.2% في عام 2023م وتعديل وكالات التصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للسلطنة.
وبالجهود الرامية للحفاظ على الاستدامة المالية للدولة مع المضي قدما في التحفيز الاقتصادي، وتهيئة التشريعات والنظم للجذب الاستثماري مع ما تتمتع به السلطنة من موقع متميز يتوسط الأسواق العالمية الرئيسية، تنطلق السلطنة نحو تحقيق أهداف طموحاتها ضمن الرؤية المستقبلية، خصوصا مع الاتجاه إلى تسريع العمل في المشاريع التنموية جنبا إلى جنب مع تركيز العمل في القطاعات المعول عليها في برامج التنويع الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي.