أحمد صبري:
مثلما تصدر نتائج انتخابات 2018، أعاد زعيم التيار الصدري تصدره لنتائج انتخابات 2021 بحصوله على 73 مقعدا، وتحوَّل إلى الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وسط تشكيك الخاسرين بتزوير الانتخابات وعدم اعترافهم بالنتائج، والتلويح باستخدام السلاح إذا لم يعاد النظر بالطعون التي قدمها الخاسرون، لا سيما تحالف الفتح الذي يضم الميليشيات المسلحة، ويعد أكبر الخاسرين في الانتخابات.
وتصدر التيار الصدري لنتائج الانتخابات الأخيرة هو الدليل على أنه رقم صعب في المعادلة العراقية، وقادر على تغيير قواعد اللعبة السياسية، لا سيما انفتاح قوى شيعية وسنية ومدنية وحتى كردية للعمل معه لصياغة ملامح النظام السياسي الجديد، كما يروج له مقتدى الصدر والعابر للطائفية.
ووسط الخلاف حول نتائج الانتخابات إلى حد السعي لتغيير نتائجها من قبل الخاسرين الذين يمتلكون السلاح والنفوذ يواجه الصدر هذه التحديات بانفتاحه على السنة والأكراد لتشكيل الحكومة المقبلة. وفي محاولة لإحراج الفصائل المسلحة التي خسرت الانتخابات ضمن تحالف الفتح، قرر الصدر إلغاء جيش اليوم الموعود وتسليم سلاحه للجيش العراقي، ودعا الميليشيات المشابهة إلى تسليم سلاحها للجيش وتطهير الحشد الشعبي من العناصر السيئة، وهذا ما رفضته الفصائل المسلحة وعدته محاولة لنزع شرعيتها ودورها في الحياة السياسية.
وعلاقة مقتدى الصدر برئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي جيدة، ويميل إلى تجديد ولايته، غير أن علاقته برئيس الحكومة السابق نوري المالكي سيئة ومتشنجة وتفتقد إلى الثقة المتبادلة، وغالبا ما يستعين المالكي بعصائب أهل الحق التي انشقت عن جيش المهدي لردع الذراع العسكرية للصدر خلال ولايتيه.
ورغم محاولات المالكي والأحزاب الموالية له إضعاف وكسر شوكة التيار الصدري، إلا أن هذا التيار حصد نحو (73) مقعدا في البرلمان المنتهية ولايته، وأصبح قوة تصويتية وبيضة القبان في ترجيح كفة أي كتلة برلمانية.
ويقف مقتدى الصدر في ظل الاستقطاب السياسي والطائفي بين أركان العملية السياسية رافعا راية التغيير والإصلاح وعبور الطائفية، ومحاربة الفساد والمتسببين في ضياع أموال العراق خلال السنوات الماضية، في إشارة إلى خصمه المالكي.
وما يقلق المالكي انفتاح الصدر على قوى سنية وكردية وليبرالية، الأمر الذي سيأخذ من جرفه، ويقلل من دوره، ويفتح شهية الآخرين للنيل منه.
والسؤال: هل يواصل الصدر تحديه للقوى الخاسرة التي تملك السلاح والمدعومة خارجيا؟ وما الثمن في ظل تهديدها لإعادة رسم خريطة التحالفات التي تشكل النظام السياسي الجديد؟
الجواب: إن الصدر الذي يحاكي المزاج الشعبي الذي يرفض تنمر السلاح وهيمنته على المجتمع العراقي، ومحاربة الفساد، قد يمنحه قوة دفع في أي مواجهة مقبلة مع تحالف الخاسرين بالانتخابات مدفوعا بتأييد رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي الذي تعرض إلى محاولة اغتيال فاشلة، وأيضا المواقف المؤيدة للصدر من كتل سنية وكردية تتطلع إلى إرساء قاعدة دولة خالية من قعقعة السلاح والخوف وخطاب الكراهية والإقصاء والتهميش.
وخلاصة القول إن الأيام المقبلة ستشهد مزيدا من الشد السياسي، واستخدام فائض القوة لدى الميليشيات المسلحة في مواجهة فائض شعبي واسع هو التيار الصدري، غير أن هذا الفائض من القوة سيفكر أي طرف في استخدامه لفرض إرادته؛ لأن نتائجه ستكون كارثية ستضع العراق على الطريق المجهول والكارثي نحو النفق المظلم، ضحاياه العراقيون الذين ضاقوا ذرعا بالطبقة السياسية التي تحكم العراق وتدير شؤونه.