تترقَّب الأنظار ما ستُسفر عنه الزِّيارة التاريخيَّة الَّتي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى دولة قطر الشَّقيقة، وثمار اللقاءات الأخويَّة الَّتي تجمع جلالته وأخاه صاحب السُّمو الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر؛ وذلك للأهميَّة الكبرى والآمال الكبيرة المعقودة على زيارة الدولة هذه والأولى من نَوْعها، وما سيترتب عليها من خطوات ستصبُّ في مصلحة البلدَيْنِ الشَّقيقَيْنِ ومحيطهما الإقليمي؛ لما تملكه السَّلطنة وقطر من ثقل سياسي إقليمي ودولي، ومقوِّمات اقتصاديَّة متميِّزة، وعلاقات راسخة وأواصر أُخوَّة نموذجيَّة، تجعلهما محطَّ أنظار الجميع (شعوبًا وحكومات)، كما يملكان علاقات تاريخيَّة ثابتة يُبنى عليها لصناعة مستقبَل زاهر للشَّعبَيْنِ العُماني والقطري الشَّقيقَيْنِ؛ مستقبَل يعتمد على الرُّؤية الثَّاقبة والطُّموحات الكبيرة لجلالة السُّلطان المعظَّم وأخيه صاحب السُّمو الشَّيخ أمير قطر.
وتأتي الاتفاقيَّات، الَّتي شهد توقيعها أمس جلالة السُّلطان وأخوه صاحب السُّمو أمير قطر ـ حفظهما الله ورعاهما ـ والبالغ عددها (6) ستَّ اتفاقيَّات متنوِّعة في العديد من المجالات، لِتُلبِّي الطُّموحات المُرتقبة من هذه الزِّيارة الأخويَّة وعلى جميع الأصعدة. وتتمثل هذه الاتفاقيَّات في المجال العسكري وتجنُّب الازدواج الضَّريبي، ومنْع التهرُّب من الضَّرائب على الدَّخل ورأس المال، والعمل والاستثمار والسِّياحة، والفنادق، والنَّقل البحري والموانئ، لتكون نواة لترسيخ العلاقات القائمة على الأُخوَّة والتَّعاون والمصلحة المشتركة، ما يُعمِّق هذه العلاقات، ويفتح لها آفاقًا جديدة، تُحقِّق الخير للشَّعبَيْنِ الشَّقيقَيْنِ ولشعوب دول مجلس التَّعاون الخليجي.
ولم تكن هذه الاتفاقيَّات هي المعبِّرة فقط عن أهميَّة هذه الزِّيارة الأخويَّة ونتائجها، وإنَّما حفاوة الاستقبال وخصوصيته كان لها دَوْر مهمٌّ في إعطاء المعنى الحقيقي لهذه العلاقات ومتانتها، والانطلاق نَحْوَ مرحلة جديدة من العمل الثنائي المعزِّز لها. فلدى دخول الطَّائرة السُّلطانيَّة أجواء دولة قطر رافقتها الطَّائرات الحربيَّة التَّابعة للقوات الجويَّة الأميريَّة القطريَّة، ومع وصول جلالته ـ بحفظ الله ورعايته ـ كان أخوه صاحب السُّمو الشَّيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في مُقدِّمة المُستقبلين والمُرحبين بعاهل البلاد المفدَّى، مع مراسم الاستقبال الَّتي أُجريت لجلالته، والَّتي تعكس التَّقدير الكبير الذي تُوليه دولة قطر الشَّقيقة بقيادة صاحب السُّمو الشَّيخ تميم لشقيقتها سلطنة عُمان قيادةً وشعبًا.
كما كان لجلسة المباحثات الرسميَّة بَيْنَ القيادتَيْنِ دَوْرٌ كبير في بحْثِ آفاق التَّعاون الأخَوي المُشترك بَيْنَ البلدَيْنِ الشَّقيقَيْنِ وسُبُل دعمه وتطويره في مختلف المجالات بما يحقِّق آمال وتطلُّعات الشَّعبَيْنِ الشَّقيقَيْنِ، حيث استعرض القائدان الحكيمان ـ حفظهما الله ورعاهما ـ الأمور ذات الاهتمام المُشترك، فالمأمول أنْ تفتح هذه الزِّيارة آفاقًا أرحب لمستقبَل البلدَيْنِ، لا سيَّما في الجانب الاقتصادي، أحد الأركان المهمَّة في رؤية عُمان 2040 ‪ ورؤية قطر الوطنيَّة 2030 تعزِّزه مقوِّمات تشريعيَّة محفزِّة للاستثمار، وبنيَة أساسيَّة مُسهِّلة وجاذبة ومُشجِّعة، كما تمتلك السَّلطنة وقطر موانئ عالميَّة، منها "الدقم وصحار وصلالة" و"حمد والدوحة والرويس" تستطيعان من خلالها تعزيز التَّعاون القائم بَيْنهما في خدمات النَّقل البحري وعمليَّات الشَّحن والتَّفريغ والمُناولة. ومن المؤمَّل أنْ تعمل اللَّجنة العُمانيَّة القطريَّة المُشتركة على تفعيل هذه العوامل الاقتصاديَّة المميَّزة، وتشجيع الاستثمارات المشتركة في مجالات الزِّراعة، والطَّاقة، والاتِّصالات، والنَّقل،
والسِّياحة، والأعمال المصرفية، والتعليم وغيرها، ما يلبِّي طموحات الشَّعبَيْنِ الشَّقيقَيْنِ.
إنَّ الطُّموحات المنشودة، من وراء تطوير العلاقات العُمانيَّة القطريَّة، ترتكز على قواعد صلبة وأُسس راسخة، حيث يتوافق البلدان الشَّقيقان في سياستَيْهما الخارجيَّة على عددٍ من القضايا الإقليميَّة والدوليَّة، ويحملان رؤى تدعم القضايا العادلة، وتسعى إلى المحافظة على السِّلم والأمن الدوليَّيْنِ ومكافحة الإرهاب، وتنطلق علاقاتهما مع محيطهما الإقليمي والعالمي من قيادة الحوار الإيجابي الذي يعزِّز التَّقارب بَيْنَ الدُّول وينبذ العنف، بالإضافة إلى الحرص على تعزيز مسيرة دول مجلس التَّعاون لدول الخليج العربيَّة.