■ محمود السليمي: تشجيع وبناء صناعة ثقافية تحمي الهوية العمانية
■ كاملة الهنائية: تعليم وتشريع وتحفيز جيد يؤهل لصناعة منتج ثقافـي جيد
■ فاطمة العليانية: فتح حوارت ونقاشات وملتقيات تضم مثقفين ومفكرين
■ عالية الفارسية: تسويق الفنون بالصورة الصحيحة سيرتقي بصناعة المنتج
■ حميد العامري: تحفيز الشباب على تقديم إبداعاتهم واستغلال طاقاتهم الفنية

مسقط ـ العمانية:
المتتبع لماهية المنتج الثقافي سيجد ذلك الارتباط الوثيق بينه وبين ما يسمى بـ(الصناعات الثقافية)، وبحسب التصنيف العالمي الدولي الخاص باليونسكو على سبيل المثال فإن المنتجات الثقافية عالميًّا تكون عادة حاملة لمعاني الهوية والقيم، وفي ذات الإطار هي بمثابة عوامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول، كما لا ينفصل الارتباط بالإبداع الثقافي إجمالا عن واقع المنتج الثقافي ذاته، خاصة إذا ما علمنا أن ذلك الإبداع هو عبارة عن الأفكار والمبادرات والرؤى الجديدة لمواجهة التحولات والتحديات الاجتماعية والسياسية مرورًا بالثقافة على وجه الخصوص.

في هذا السياق كان التتبع لأفكار القائمين على المؤسسات الثقافية والفنية في سلطنة عُمان، ومعرفة الكيفية الخاصة لتعزيز صناعة المنتج الثقافي والأسس التي من الممكن أن توجد الأفكار والمبادرات لمواجهة التحديات والتحولات الاجتماعية والسياسة وحتى الاقتصادية والفكرية في هذا الشأن.

يقول الدكتور محمود السليمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي: (لابد لنا من الإلمام بمصطلح المنتج الثقافي خاصة وأن لدينا مصطلحي الصناعة والثقافة، وهنا نعود إلى تعريف اليونسكو الذي يشير إلى أن المنتج الثقافي لابد أن يكون حاملًا للهوية والقيم والدلالات ويقود إلى عوامل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وحتى نستطيع استثمار ما تزخر به سلطنة عُمان من تنوع ثقافي فإنه يتطلب العمل على تشجيع وبناء صناعة ثقافية تحمي هذه الهوية وتحملها إلى الآخر. ويضيف السليمي: هذه الصناعة الثقافية تستدعي إبداعا ثقافيا وخيالًا واسعًا يعمل على إنتاج أفكار ومبادرات جديدة، ضمن رؤية واضحة تقوم على مواجهة التحولات المختلفة ومزودة باستراتيجية تعينها على مواجهة التحديات المصاحبة لهذه التحولات سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، مشيرا الى أن الاهتمام بصناعة النشر للمنتجات الثقافية العُمانية في الكتب والسينما والأفلام التي تعرض التاريخ والطبيعة والقيم العُمانية الأصيلة التي يشيد بها القريب والبعيد، كل هذا وغيره يسهم في دعم الهُوية الثقافية وما تزخر به سلطنة عُمان عبر تاريخها العميق مكانيًّا وزمانيًّا وبذلك نستطيع بلورة ثقافة عُمانية منتجة تحافظ على هويتها واستقلالها، فالصناعة الثقافية قيمة قبل أن تكون رافدًا اقتصاديًّا.

من جانبها تشير الدكتورة كاملة بنت الوليد الهنائية وهي مختصة في الفنون المسرحية وبرامجها إلى كيفية تعزيز صناعة المنتج الثقافي في سلطنة عُمان وهنا تقول بشكل واقعي: يأتي ذلك بصياغة ثلاثة أهداف رئيسة أمام صناعة الثقافة بمفهومها الواسع وهي، تعليم جيد يربط الثقافة بالتطبيق والممارسة الحياتية بمناهج تدرس في المدرسة ويستكمل التخصص للطالب الجامعي في الصناعات الإبداعية، مع تهيئة التشريع المرن والبيئة الحاضنة لافتتاح ونمو واستدامة المشروعات الثقافية بمختلف أنواعها، مع التحفيز والتكريم لأصحاب المشروعات الثقافية بشكل دوري ليوجد المنافسة والابتكار وتمثيل سلطنة عُمان في التنافسية العالمية في قطاع الصناعات الثقافية.

وللدكتورة فاطمة بنت راشد العليانية، رئيسة صالون فاطمة العليانية، قراءة خاصة في كيفية تعزيز صناعة المنتج الثقافي في سلطنة عُمان، وهنا تقول إن الإمكانية حاضرة من خلال فتح الحوار والنقاشات واللقاءات والملتقيات والندوات التي تضم المثقفين والمفكرين في سلطنة عُمان، والاهتمام بتربية النشء على القراءة الناقدة وكتابة النتاجات الثقافية وتنظيم المسابقات التي تدعم روح التنافس بين الأفراد، وفتح عدد من الصفحات الإلكترونية التي تتيح للراغبين طرح نتاجهم الثقافي ويتم تنقيحه وإضافته من قبل اللجان المنظمة، وتفعيل دور الصالونات الأدبية والمكتبات الأهلية والمبادرات الثقافية لتسليط الضوء على أبرز النتاجات الثقافية وتسويقها للخارج، والعمل على ترجمتها، وتعزيز فكرة بيوت الثقافة التي تدعم التراث العماني وثقافته وتوصيل فكرتها عبر وسائل الإعلام ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وتفعيلها والدفع بها لدعم المنتج الثقافي العُماني وفتح قنوات تواصل تلفزيونية وإذاعية متنوعة، مع تكاتف الجهود بين وزارة الثقافة والرياضة والشباب وهيئة الوثائق والمحفوظات للعمل على تحقيق المخطوطات العُمانية وتقديمها للمنتج ومن ثم ترجمتها، والتوسع في المراكز الثقافية في سلطنة عمان؛ لتكون أداة استقطاب ثقافية داخليًّا وخارجيًّا.

أما الفنانة عالية الفارسية، صاحبة جاليري عالية للفنون فتتحدث عن كيفية تعزيز صناعة المنتج الثقافي في سلطنة عُمان قائلة: (سلطنة عُمان زاخرة بالمنتجات الثقافية، والهوية العمانية تظهر جليا في مختلف الأشكال الفنية، كالمعمار، والموسيقى، والفن التشكيلي، والأزياء، وغيرها، مع ذلك، فإني أجد مساحة كبيرة لتطوير هذه الصناعة بحيث يتم اختزال هذه الأنماط الفنية المتباينة تحت مظلة نظامية، تحرك دفتها مؤسسة ذات أهداف واضحة). وتوضح الفارسية: (ما أعنيه أنه لو تمت مخاطبة الفنانين والمهندسين والنحاتين ومصممي الأزياء وغيرهم وتوجيههم نحو العمل لإبراز الهوية البدوية على سبيل المثال في العام المقبل، سيسهم ذلك في إيجاد صورة ذهنية للمواطن والسائح عن حجم هذه الصناعة في سلطنة عُمان، وستشكل هذه المنظومة أداة إعلامية توعوية جبارة على المدى الطويل). وعن الأسس التي من الممكن أن توجد الأفكار والمبادرات لمواجهة التحديات تبين الفنانة الفارسية: (الفن التشكيلي على سبيل المثال من أهم أركان هذه الصناعة في تنمية ما يعرف بالاقتصاد البنفسجي، حيث إن تسويق الفنون بالصورة الصحيحة له عوائد اقتصادية، ويمكن أن يتم ذلك من خلال تقديم خطة سنوية بالمعارض والفعاليات التي ستنظمها وزارتا الثقافة والرياضة والشباب، والتراث والسياحة، وباقي المؤسسات المعنية)
من جانبه يقول حميد العامري رئيس الجمعية العمانية للسينما والمسرح إن بعض الفعاليات الفنية المتمثلة في حلقات العمل المتخصصة في المجال الفني والمسابقات والمهرجانات في الجانب السينمائي تحفز الشباب على تقديم إبداعاتهم وتشغيل طاقاتهم الفنية وستسهم هذه المهرجانات في صقل المواهب التي سترفد مستقبلا الجانب الثقافي، حيث استطاع الشباب العماني التواجد في المحافل المهرجانية وحصد الجوائز.