علي بدوان:
ليس بالأمر المفاجئ أن قبضة الحزب الشيوعي الصيني قوية، ومُمسكة بمفاصل القرار بالصين من العام 1949، حيث لم تشهد أي ارتخاء حتى في أثناء هبة الإصلاح و(التجديد) التي قادها ونجح بها خليفة (ماوتسي تونج) القائد الصيني (دنج سياوبينج) عام 1981، الذي هزم بدوره مجموعة الأربعة ومنهم أرملة (ماوتسي تونج) الذين حاولوا الإمساك بقبضة القرار في بكين، وأطلق عليهم لقب (عصابة الأربعة).
إن الإمساك بقبضة الحزب والبلاد في جمهورية الصين الشعبية، فرضت نفسها تلقائيًّا بنفوذ وقوة حضور الرئيس الصيني (شي جين بينج) الذي عزّز مكانه في الحزب الشيوعي الصيني الحاكم مؤخرًا، عندما ترأس أوائل تشرين الثاني/‏نوفمبر 2021، اجتماعًا لقيادة البلد الأكبر في العالم لجهة عدد السكان بلا منازع، اجتماعًا مفصليًّا لكبرى شخصيات الحزب الحاكم في بكين، التي عززت بدورها من حضور وسطوة الرئيس (شي جين بينج).
حيث أقرَّ نحو 350 من أعضاء اللجنة المركزية التابعة للحزب قرار الصين بشأن “المنجزات الرئيسية والخبرة التاريخية لكفاح الحزب على مدى قرن”، وهو الثالث من نوعه في تاريخ البلد منذ مئة عام. معتبرين أن الحزب “سطر أروع ملحمة في تاريخ الأمة الصينية على مدى آلاف السنوات”. سائرين على طريق ما أسماه (ماوتسي تونج) ورئيسا وزرائه في حينها (شو إن لاي) بناء الاشتراكية بخصائص صينية بحتة. بعيدًا عن النموذج السوفييتي وغيره في حينها، ومنذ ذلك الوقت كان هناك افتراق صيني سوفييتي حول مواضيع عدة حتى انهيار منظومة حلف (وارسو).
ومن المتوقع، أن يعقد الحزب في جمهورية الصين الشعبية، مؤتمره العشرين العام، ويُرجّح بأن يصعد الرئيس (شي جين بينج) لولاية ثالثة على رأس السلطة، ليضمن موقعه كأقوى قائد استثنائي لجمهورية الصين الشعبية منذ المؤسس (ماوتسي تونج). وبالتالي في تعزيز قبضته على السلطة في الدولة والحزب. حيث يعمل الحزب في الصين على صياغة تاريخه لإعادة تشكيل المستقبل ليتمحور حول الرئيس (شي جين بينج). كما تُشير مُعظم المصادر الصينية، والمصادر السياسية الدولية المتابعة لأمور الصين الشعبية الداخلية في مختلف الجامعات ومعاهد دراسة السياسات الدولية.
تبتعد جمهورية الصين الشعبية عن المعارك والاحتكاكات السياسية، وحتى العسكرية، بما في ذلك في بحر الصين، حيث تُعربد دومًا سفن القتال والغواصات وحاملات الطائرات الأميركية. وتترك الأمور حتى الآن للعمل السياسي والدبلوماسي من أجل حل معضلة ما يُسمى بـ(الصين الوطنية) أو (تايوان) كما تكتب أو حتى (تايبيه الصينية). والسعي لعودتها للوطن الأم الصين الشعبية بعد سنوات من الانفصال الذي تم على يد المستعمرين البريطانيين كما كان الحال مع (هونج كونج) التي عادت للوطن الأم الصين الشعبية وبنظام خاص بها، إضافة لجزيرة (ماكاو).
وعليه، وانطلاقًا من تلك الرؤية والسياسات الخارجية، إن الصين الشعبية، وبسياساتها المُشتقة منذ الإصلاحي (دنج سياوبنج) عام 1981 عملت على إنتاج سياسات خارجية جديدة، مع باقي بلدان العالم، من خلال الانفتاح، وتجنّب المعارك السياسية، وبناء أشكال من التوازن مع مختلف البلدان، بما فيها بلدان الخليج العربي، التي تربطها ومن حينها بالصين الشعبية علاقة تجارية واقتصادية جيدة، إضافة لاعتماد الصين عليها وعلى إيران باستيراد النفط، الذي تفتقر له الصين.
وعليه، يتوقع، أن تستمر جمهورية الصين الشعبية في نموها الاقتصادي، حيث يُعد اقتصادها الثاني في العالم بعد اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية. وأن يتبنى الرئيس (شي جين بينج) المزيد من الإصلاحات الاقتصادية الجديدة، مع الاعتراف بالعديد من الأخطاء، وبالتالي الاستمرار بالحملة الأمنية التي طالت جوانب عدة في المجتمع الصيني، ومنها ظاهرة الفساد من جانب، ومن جانبٍ آخر تعميم الثقافة الشعبية والتعليم، وقطاع الأعمال التجارية المرتبطة بالتكنولوجيا ورجال الأعمال الأثرياء.