محمد عبد الصادق:
تسبب متحور كورونا المسمى "أوميكرون" في حالة من الهلع حول العالم، فهوت بسببه البورصات العالمية، وانخفضت أسعار النفط، بعدما عاودت دول عديدة إجراءات الإغلاق وحظرت أخرى السفر إلى الدول التي ظهر بها المتحور الجديد وفي مقدمتها جنوب إفريقيا حيث اكتشف "أوميكرون" لأول مرة، وسارعت أخرى بإغلاق حدودها وحظر بعض الأنشطة رغم مناشدة منظمة الصحة العالمية بفتح الحدود وعدم إغلاق الأنشطة، لمحدودية تأثيرها على انتشار المرض.
دفعت جنوب إفريقيا ثمن نبلها وشفافيتها، عندما سارعت بالإعلان عن المتحور الجديد بمجرد اكتشافه وأفصحت عن كافة المعلومات الطبية المتعلقة به، بفضل قدرات التسلسل الجيني المتقدم لديها والقدرة على اكتشاف المتغيرات الجديدة بشكل أسرع، حتى يأخذ العالم حذره ولا تتكرر مأساة ووهان الصينية التي ظلت لمدة شهرين تتكتم الإفصاح عن ظهور كورونا حتى انتقل لكافة دول العالم، وتسبب في المأساة التي نعيشها منذ عامين والتي وقف العالم عاجزا عن مكافحتها حتى الآن.
في أميركا أعلن كبير الأطباء أنتوني فاوتشي أنه يحتاج قرابة أسبوعين لإعطاء معلومات محددة عن طبيعة العدوى ومدى خطورة المرض والخصائص الجينية لـ"أوميكرون" ونفس المهلة طلبتها منظمة الصحة العالمية التي أكدت أن الأدلة الأولية تشير لاحتمال وجود خطر أكبر لتكرار العدوى بـ"أوميكرون" لمن سبق لهم الإصابة بكورونا، ولكن لم يتضح بعد إذا كان المتحور أكثر نشرا للعدوى، أو يسبب أعراضا مرضية مختلفة عن كورونا، وإن كانت المعلومات القادمة من جنوب إفريقيا تشير لتزايد معدلات دخول المستشفيات لـ13 ضعفا من 275 حالة إلى 3700 إصابة يوميا، دون معرفة هل السبب زيادة الإصابة بـ"كورونا" أم المتحور"أوميكرون" في بلد نسبة التطعيم فيه لم تزد عن 24% من السكان، وأكدت المنظمة أن فحوصات البي سي آر قادرة على اكتشاف المتحور الجديد؟!
حاول الأطباء في جنوب إفريقيا طمأنة العالم وقالوا: إن الأعراض التي عاينوها لدى المرضى المصابين بـ"أوميكرون" كانت معتدلة ولا يوجد داعٍ للهلع، ولكنهم في نفس الوقت أكدوا أن الحالات المسجلة حاليا معظمها من الشباب الذي يتمتع بصحة جيدة، ومن غير المعروف تأثير الفيروس على الفئات العمرية الأخرى أو على أصحاب الأمراض المزمنة.
ليس معروفا حتى الآن مدى فعالية اللقاحات المتوافرة ضد أوميكرون، وتوقع العلماء أن تحد الطفرات الكثيرة التي يحملها المتحور الجديد من فعالية اللقاحات مقارنة بسابقه دلتا، ولكن شركة فايزر أكدت أن علماء الشركة يعملون الآن على تكييف اللقاح الحالي للتعامل مع أوميكرون، وأنهم قادرون على إنجاز المهمة في ستة أسابيع والشحنات الأولى يمكن أن تظهر خلال 100 يوم أو أوائل العام القادم، ونفس الأمر قالته شركة مودرنا والتي تعول على الجرعة الثالثة المعززة من لقاحها في الوقاية من المتحور الجديد.
في أوروبا يتحدثون عن لقاح فرنسي جاهز الآن قادر على مواجهة "أوميكرون"، والسبب كما يقولون الطريقة الذي صنع بها لقاح "فالنيفا" الفرنسي الذي يتميز بخصائص تجعله متميزا عن بقية اللقاحات، حيث يحتوي على فيروس كورونا معطل بالكامل ولا يمكن أن يسبب المرض ويقي من الإصابة عن طريق تعريف الجهاز المناعي بالتهديد الفيروسي، حيث يعمل الجهاز المناعي على إنتاج أجسام مضادة تحفز الجسم على محاربة الفيروس إذا اخترق الجسم، في المقابل تستخدم فايزر وأسترازينيكا ما يعرف بالشظايا الجينية من بروتين "سبايك" وهو جزء من الفيروس يهاجم الخلايا السليمة من الجسم فتحفز جهاز المناعة على مقاومة "كوفيد 19"، بينما لقاح "فالنيفا" يحتوي أجزاء أكثر من الفيروس يتعرف عليها الجهاز المناعي بشكل أعمق؛ لذلك يكون أكثر مقاومة للمتحورات مقارنة ببقية اللقاحات، ويؤكد الفرنسيون أن جرعة واحدة من "فالنيفا" تقي من "أوميكرون" بنسبة 95%.
في وقت قصير انتشر "أوميكرون" حول العالم، فأعلنت هولندا اكتشاف 13حالة وأكدت كندا وأستراليا وجود حالتين، كما أبلغت ألمانيا بوجود ثلاث حالات وبريطانيا حالتين ومثلهما في هونج كونج لشخصين تلقيا لقاح فايزر وإصابتهما خفيفة، وكل هذه الحالات لمسافرين قادمين من دول جنوب قارة إفريقيا.